3 - هل لعلم الأصول موضوع واحد أو خاص ؟ إنه بعد ما مر من عدم الدليل على لزوم أن يكون لكل علم موضوع مخصوص فلا يصح القول بأن موضوع علم الأصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله ، وإن كنا لا نعرفه بعنوان خاص ولا اسم مخصوص ، إلا أنه لا بأس بالبحث عن أن له مع ذلك موضوعا خاصا ، واحدا أو متعددا . فقد قيل بأن موضوعه الأدلة الأربعة - بوصف الدليلية - كما في القوانين [1] أو بذواتها كما في الفصول [2] . لكنه يرد عليه ما في الكفاية : من لزوم خروج مباحث الألفاظ وجملة من غيرها عن مسائل العلم ، [3] لأن موضوعها ليس خصوص الكتاب ولا السنة ولا غيرهما من هذه الأربعة وإن كان المهم معرفة أحوال خصوصها . ثم إن هنا بحثا فرعيا فرضيا هو : أن مسألة حجية خبر الواحد هل هي من مسائل علم الأصول بناء على أن يكون موضوعه الأدلة الأربعة ؟ فقد صرح المحقق القمي في تعليقة له على متنه حين بين : أن موضوع علم الأصول أدلة الفقه بخروجها عن مسائل العلم ، فقال : ( وما قد يذكر لمثال ذلك [ يعني البحث عن عوارض موضوع علم الأصول ] بقولهم : الكتاب حجة والخبر حجة لا يرجع إلى محصل ، إذ ذلك معنى كونه دليلا ، والمفروض أنا نتكلم بعد فرض كونها أدلة ، وهو خارج عن الفن ، وبيانه ليس من علم الأصول كما لا يخفى ، بل هو من توابع علم الكلام ) [4] . كما صرح في الفصول بدخولها قائلا : " وأما بحثهم عن حجية الكتاب وخبر الواحد فهو بحث عن الأدلة ، لأن المراد بها ذات الأدلة ، لا هي مع وصف كونها أدلة " [5] .
[1] القوانين : ج 1 ص 4 - 5 وص 10 . [2] الفصول الغروية : ج 1 ص 4 . [3] الكفاية : ص 23 . [4] قوانين الأصول : ج 1 ص 9 . [5] الفصول الغروية : ص 10 .