عينيا حقيقيا ، أو أمرا قانونيا اعتباريا ، وهو أمر واضح . وسيأتي في مستقبل الكلام توضيح أزيد لهذه الأمور الانتزاعية ، ودفع توهم من توهم في بعض مصاديقها أنها أمور جعلية اعتبارية ، إن شاء الله تعالى . إذا عرفت هذه المقدمة تعرف أن الموضوع له للفظة " الأمر " في مشتقاته كما يظهر بالدقة في مرادفها إنما هو من الأمور الاعتبارية غير العينية ، وهو عبارة عن الوظيفة والدستور الإلزامي الذي هو موضوع الإطاعة والعصيان ، ومبدأ الثواب والعقاب ، وجعله قد يكون بلفظه ، وقد يكون في قالب الهيئات المختلفة المستعملة في مقام الإيجاب ، وقد يكون بمادة الطلب والوجوب والإرادة وأمثالها ، فبكل منها يتحقق مصداق لهذا الأمر الاعتباري مع اختلافه لكل منها وكل مع الآخر في المفهوم . وأما الطلب فمعناه الحقيقي - على ما في كتب اللغة أيضا - محاولة وجدان الشئ وأخذه ، فهو عبارة عن المشي والذهاب الخارجي والحركة الخارجية نحو وجدانه ، كما في طلب الماء والفحص عنه لمن لا يجده للوضوء ، وإطلاقه على الأمر بشئ إنما هو لأن الأمر به مرتبة ضعيفة من الحركة لتحصيله ، فالآمر بأمره قد تحرك نحو تحصيل المأمور به ، فكان أمره مصداقا للطلب ، إما حقيقيا لو كان المأخوذ من الحركة في مفهومه عاما يشمل مثله ، وإما مجازيا ادعائيا إذا كان المأخوذ فيه الحركة الخارجية ، كما لعله الأظهر . وكيف كان فليس حقيقته أمرا من الأمور الاعتبارية ، بل من مراتب القسم الأول من القسمين ، أعني الموجودات الخارجية ، غاية الأمر أنه مصداق ادعائي منها . وكيف كان فهو من المفاهيم التي يتحقق لها مصداق باستعمال لفظها في مقام الإنشاء ، كما هو واضح . فقول المولى : " أطلب منك كذا " في مقام الإنشاء يتحقق به فرد من الطلب ، كما لا يخفى . وأما الإرادة فحقيقتها هي المشيئة ، وهي العزم المؤكد على إتيان العمل الذي يتعقبه الأمر النفساني بحركة عضلات المريد نفسه إن كان وقت العمل قد حضر ، وبالنسبة للأعمال الآتية أيضا إذا حضر وقتها ، هذا في الإرادة التكوينية . والظاهر استعمالها في ما إذا أراد إتيان العمل من غيره أيضا ، إذا بلغ طلبه منه حدا يأمره