الاستعمال جزءً من المعنى الموضوع له اللّفظ . وخامساً : إن لحاظ المعنى في مرحلة الاستعمال من المستعمل ، يعني وجود المعنى في ذهن المستعمل ، وهذا الوجود لا يمكن أن يرد على المعنى الموجود ، بل يرد على المعنى ، لأن الماهيّة الواحدة لا تقبل الوجود مرّتين ، والموجود لا يقبل الوجود بموجود آخر . هذه هي المقدمات . والمدّعى هو : إن كلّ ما يأتي إلى الذهن من لفظ « من » هو الآتي إليه من لفظ « الابتداء » وكذا « في » و « الظرفية » و « على » و « الإستعلاء » وهكذا . وتوضيحه مع إقامة الدليل عليه : إن الموضوع له إنما هو ذات المعنى ، وليس اللّحاظ داخلا في حيّز المعنى ، فلا يمكن أن يكون اللّفظ موضوعاً للمعنى الملحوظ ، لأنه يستلزم أن يكون كلّ معنىً ملحوظاً عند الاستعمال ، والحال أنّ الملحوظ لا يصح أن يلحظ مرةً أخرى . إن الواضع يضع لفظ « الابتداء » ولفظ « من » لذات المعنى ، غير أن المستعمل تارةً ينظر إلى المعنى شأناً وصفةً لغيره فيستعمل « مِن » وأخرى ينظر إلى المعنى بالنظر الإستقلالي في مقابل المعاني الأخرى فيستعمل « الابتداء » تماماً كما هو الحال في المرآة و « البياض » كما تقدم . فكون المعنى معنىً إسمياً أو حرفيّاً يرجع إلى مرحلة الاستعمال وكيفيّة لحاظ المستعمل في ظرف الاستعمال ، أمّا في مرحلة الوضع فلا اختلاف جوهري بينهما ، بل الموضوع له واحد وهو ذات المعنى . فالآليّة الموضوع لها الحرف ، التي تخصّص المعنى ، هذه الآليّة إنما