وأمّا دلالةً فبوجوه : أوّلا : إنّ ما يرفعه هذا الحديث هو الحكم التكليفي ، وأمّا الحكم الوضعي فلا يرتفع ، ولذا قال صاحب ( الجواهر ) بأن إسلام الكافر لا يرفع الجنابة ، بل يجب عليه الغسل من الجنابة ، لأنها أمر وضعي ، والحديث لا يعمّ الوضعيّات ، وهذا خير شاهد على ما ذكرناه ، ولا يخفى أنّ شرطيّة عدم الظلم للتصدّي للإمامة ، أو مانعيّة الظلم عن التصدّي لها ، من الأمور الوضعيّة . وثانياً : إنه على فرض شمول حديث الجب للوضعيّات ، فلا ريب في عدم شموله للتكوينيّات ، وظاهر الآية المباركة أن عدم نيل الإمامة الظالمَ أمر تكويني ، فمدلولها : أنّ الظالم قاصر ذاتاً عن أن تناله الإمامة والخلافة ، فكأنّ الله يقول لسيّدنا إبراهيم عليه السلام إن دعائك لا يستجاب ، لأنه يتنافى مع سنّة تكوينيّة ، كأنْ يدعو الإنسان أنْ تنال يده الشمس . . . فالآية المباركة ترجع إلى أمر عقلي ، لا علاقة لها بالقضايا الإعتباريّة ، فهي - من هذه الجهة - نظير قوله تعالى : ( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ) ( 1 ) فعدم نيل لحم اضحيّة المشرك ليس أمراً اعتبارياً ، بل هو للقصور الذاتي فيه . وثالثاً : إنه - بغض النظر عن كلّ ما ذكر - يستحيل جريان قاعدة الجبّ في هذا المورد ، لأن إبراهيم عليه السلام كان عالماً بما جاء في قضيّة نوح عليه السلام من قوله تعالى له : ( وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) ( 2 ) وبعد ذلك يستحيل أن يطلب من الله تعالى أن يجعل الإمامة في المشرك الذي بقي على شركه ، فيكون طلبه لخصوص من أسلم من ذريّته وخرج عن