وثانياً : إن ما ذكر إنما يتمّ فيما لو كان مصحّح الاستعمال عبارة عن العلائق المقرّرة في فنّ البلاغة ، لكن مسلك المتأخّرين أن صحة الإطلاق المجازي يدور مدار الاستحسان الذّوقي ، ولذا ، فقد لا تطرّد العلاقة ويكون الاستعمال المجازي مطّرداً بحسب الذوق السليم . وقال السيد البروجردي في تقرير الإطراد - بناءً على مسلك السكّاكي - ، بأنّه دلالة اللّفظ على المعنى وعدم تخلّفه عنها في أيّ تركيب وقع وبانضمام أيّ لفظ كان ، كما هو حال لفظ « الأسد » بالنسبة إلى « الحيوان المفترس » بخلافه في « الرجل الشجاع » ، فإنّا نرى صحّة قولنا « زيد أسد » وندّعي كونه حقيقةً فيه ، لكن لا يصحّ ذلك في كلّ مورد ، فلا يقال مثلا : كُل هذا الطّعام يا أسد . فملاك الحقيقة في الإطراد : صحّة استعمال اللّفظ في كلّ تركيب وهيئة ، بخلاف المجاز ، فإنّه وإنْ اطّرد استعمال اللّفظ فيه ، لكن لا يصح في كلّ مورد ، كما في المثال المذكور . وأورد عليه شيخنا : أوّلا : بأنّ مآله إلى كلام المحقّق الإصفهاني ، وما ذكره المحقق القمي ، من أن علاقة السببيّة مثلا قد تكون موجودة ولا يصح الاستعمال استناداً إليها ، كما بين الأب والابن . وثانياً : بأنّ من الممكن أنْ يقال - بناءً على ما ذكره - : لفظ « الأسد » موضوع للرجل الشجاع ، لا في كلّ تركيب وسياق ، بل مقيّداً بخصوصيّات ، وعليه ، فيكون عدم الإطراد ناشئاً من هذا التقييد في الوضع ، فلا يكون علامةً .