وقد وقع هذا التفسير للإطّراد وعدمه موقع الإشكال ، من جهة أنّ عدم الإطّراد في طرف المجاز إنّما هو لقصور المقتضي ، فمثلا : في علاقة الكليّة والجزئيّة ، لم يرخّص في استعمال كلّ « كلّ » في كلّ « جزء » ليصح الاعتماد عليها في كلّ استعمال ، وفي علاقة السببيّة - مثلا - ليس كلّ سببيّة ومسبّبية بمصحّحة للاستعمال ، فالأب سبب لوجود الابن ، إلاّ أن إطلاق الأب على الابن أو بالعكس - اعتماداً على تلك العلقة الموجودة بينهما - غير صحيح . . . وهكذا سائر العلائق . . . فالعلقة المصحّحة للاستعمال محدودة ، وهذا هو السبب لعدم الإطّراد ، فليس عدم الإطّراد علامةً للمجاز . ولرفع هذا الإشكال أضافوا قيد « بلا تأويل » أو « على وجه الحقيقة » فقالوا : بأنَّ شيوع الاستعمال على وجه الحقيقة وبلا تأويل علامة الحقيقة . إلاّ أنّه مستلزم للدور ، لأنّ الإطّراد على وجه الحقيقة موقوف على العلم بالوضع ، والمفروض أنّ العلم بالوضع متوقف على الإطراد على وجه الحقيقة . ولا يندفع ذلك بما تقدّم في التبادر في دفع الدور بالاختلاف بالإجمال والتفصيل ، لأنّ العلم الإجمالي بوجود العلامة للحقيقة لا فائدة له للكاشفيّة عن المعنى الحقيقي . وكيف كان ، فإنه يرد على تقريب الإطّراد بما ذكر : أوّلا : بالنقض بالمجاز المشهور ، فإنه عبارة عن شيوع استعمال اللّفظ واطّراده في المعنى المجازي ، بحيث يكون مانعاً عن تبادر المعنى الحقيقي مجرّداً عن القرينة إلى الذهن ، كلفظ « الطهارة » مثلا في لسان الشارع . فما ذكر إنما يتم في سائر المجازات دون المجاز المشهور .