ردع الشارع عنها . فظهر أن التبادر عند أهل اللّسان حجّة على الوضع ، لا أنه يفيد العلم بالوضع . ثم إن المتبادر هو المعنى الحقيقي حقيقةً عرفيّة ، إذ المفروض تبادره عند أهل اللّسان ، وأمّا الحقيقة اللغوية بأنْ تكون هي الموضوع له ، فلا يثبت ، لإمكان كونه منقولا لغةً . وإذا كانت ألفاظ الكتاب والسنّة ملقاة إلى العرف وأهل اللّسان ، والمعاني المنسبقة منها محمولة على الحقائق العرفيّة ، فكيف يثبت أن هذه المعاني المنسبقة هي نفس ما كان ينسبق من الألفاظ في زمن الصّدور ؟ قد يتمسّك لإثبات إتّصال الظهور الفعلي بزمن المعصوم ، بالاستصحاب القهقرائي وأصالة عدم النقل . لكن فيه : إن الاستصحاب الذي هو أصل عملي ، له ركنان ، أحدهما اليقين السابق والآخر الشك اللاّحق ، وهذا المورد بالعكس ، فلا تشمله أدلّة الاستصحاب . فقيل : نستصحب الظهور - لا عدم النقل - ونقول : هذا اللّفظ ظاهر الآن في المعنى الكذائي بحكم التبادر ، فنستصحبه قهقرائياً حتى زمن الإمام عليه السلام ، فيكون ظاهراً في معناه تارةً بالوجدان وأخرى بالتعبّد . وفيه : إنّه لا ريب في أنّ الظهور هو موضوع ترتيب الأثر عند العقلاء ، وأنّ الشارع قد أمضى هذه السيرة العقلائيّة ، إلاّ أن المهم هو تشخيص هذا الظهور ، وأنّه الظهور الأعم من الوجداني والتعبّدي أو الظهور الوجداني فقط ؟ إنه لا شك في أن الظهور الذي هو الموضوع في السيرة العقلائية لترتيب