الإعداد لحصول العلم به . هذا ، مضافاً إلى أنهم قد ذكروا : إن هذا التبادر المدّعى ينشأ من العلم الإرتكازي بالمعنى عند المستعلم ، وعليه نقول : إذا كان منشأ التبادر هو العلم الإرتكازي ، فإن من الممكن حصول هذا العلم من سبب فاسد - كالإطراد الذي سيأتي أنه ليس علامةً للحقيقة - كما يمكن حصوله من سبب صحيح ، وإذا جاء احتمال استناد التبادر إلى العلم الإرتكازي الحاصل من سبب فاسد ، سقط التبادر عن كونه علامةً للمعنى الحقيقي . ثم إنّه قد أشكل على هذه العلامة باستلزامها للدور ، وذلك : لأن التبادر لا يتحقق بدون العلم بالوضع ، فمن كان جاهلا لا يمكن تبادر المعنى إلى ذهنه ، فالتبادر موقوف على العلم بالوضع ، ولكنّ العلم بالوضع متوقّف على التبادر ، من باب توقّف ذي العلامة على العلامة ، وهذا دور . وقد أجيب : بأن الموقوف عليه في التبادر عند المستعلم هو علمه الإرتكازي الإجمالي ، والموقوف هو علمه التفصيلي ، فالعلم الذي يتوقّف عليه التبادر غير العلم الناشئ من التبادر والمعلول له ، والغيريّة والتفاوت بالإجمال والتفصيل رافع للإشكال [1] . والحاصل : أن العلم الذي هو علّة للتبادر هو العلم البسيط الموجود في خزانة النفس ، والعلم الحاصل من التبادر هو العلم المركّب التفصيلي ، بأنْ نعلم بأنا عالمون بالمعنى .
[1] مصطلح العلم الإجمالي والعلم التفصيلي في علم الاُصول معروف ، وقد يطلق « العلم الإجمالي » ويراد به العلم الموجود في الإرتكاز بنحو الإجمال ، ويقابله العلم التفصيلي ، كما ذكر في المتن ، وقد يطلق على أساس تعقّل الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة ، وقد يطلق ويراد به العلم بالوجه في قبال العلم بالكنه .