والقسم الثاني ، الحروف الموضوعة لتضييق المعاني الاسمية . وكذا الهيئات ، والجمل التامّة ، الاسمية منها كزيد قائم ، والفعليّة منها كقام زيد ، والجمل الناقصة كغلام زيد ، فهذه كلّها موضوعة لإفادة التضييق . وتوضيحه : إنه قد تتعلَّق إرادة المتكلِّم لأنْ يفيد معنىً على إطلاقه ، وقد تتعلَّق لأنْ يفيد حصّةً من المعنى بإيجاد ضيق فيه ، فمرةً يقول : الصلاة ، وأخرى يقول : الصلاة في المسجد ، فأوجد بواسطة « في » حصّة من الصلاة وأفادها . هذا بحسب الحصص . وكذا الحال بحسب الحالات ، فهو تارةً : يقول : زيد ، وأخرى : يريد إفادة زيد في حالة مخصوصة ، فيأتي بحرف أو بهيئة للدّلالة على ذلك ، كأنْ يقول جاء زيد راكباً ، فبذلك يحصل نوع من التضييق في المعنى . وكذا الكلام في الجمل التامّة ، فقد يدلّل على الجلوس ويفيده ، وقد يريد إفادة حصّة من الجلوس ، فيقول : جلس زيد ، أو زيد جالس . وهكذا يتحقق بالحروف التضييق في المعاني الاسمية ، ولكلّ حرف معناه الخاص ، وبه يتحقق التضيق بحسب معناه . لا يقال : التضييق معنًى اسمي ، فإذا كان المعنى الموضوع له الحرف هو التضييق ، كان معنى الحرف معنًى اسميّاً . لأنا نقول : الموضوع له الحرف ليس مفهوم التضييق ، بل هو واقعه ومصداقه ، فما يأتي إلى الذهن من لفظ التضييق هو مفهوم التضييق ، ولكن التضييق الآتي إلى الذهن من « في » و « إلى » و « من » وغيرها هو مصداق التضييق .