1 - التبادر وقد ذكروا نحوين من التبادر لمعرفة المعنى الحقيقي : أ - التبادر عند أهل اللسان . ب - التبادر عند المستعلم نفسه . ثم إن المعنى الذي ينسبق إلى الذهن ويتبادر ، لابدَّ وأنْ يكون تبادره من نفس اللّفظ ، بأنْ نقطع بكون الإنسباق منه لا من غيره ، لأنّه قد ينسبق المعنى من اللّفظ بقرينة ، والقرينة إمّا حاليّة وإمّا مقاليّة ، وكلّ منهما : إمّا خاصّة مثل « يرمي » في : رأيت أسداً يرمي ، وإما عامّة كمقدمات الحكمة . فالتبادر الكاشف عن المعنى الحقيقي الموضوع له اللّفظ هو ما إذا علمنا بعدم كونه لأجل قرينة من القرائن ، ومجرّد احتمال دخل قرينة في حصول الإنسباق يسقطه عن الدليليّة على الحقيقة . الدليل على دليليّة التبادر وبما ذكرنا ظهر أنّ دليليّة التبادر على المعنى الحقيقي وكاشفيّته عنه هي من قبيل كشف العلّة عن المعلول ، فهي دلالة إنّية ، في مقابل الدلالة اللميّة ، التي هي كشف المعلول عن العلة ، وتسمّى بالبرهان . فيقال في وجه دلالة التبادر على المعنى الحقيقي : إن انسباق المعنى إلى الذهن هو أحد المعاليل والحوادث ، فلابدّ له من