والثاني : ما اختاره صاحب ( الكفاية ) من أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه العارضة عليه بلا واسطة . ويظهر الفرق بين المسلكين في علم الأصول في كثير من المسائل ، فمثلا نقول : هل الأمر بالشيء ، الوارد في الكتاب والسنّة ، يقتضي النهي عن ضدّه الخاص أو العام ؟ فاقتضاء النهي أو استلزامه يعرض على الأمر ، فعلى مسلك المحقق الخراساني يكون هذا العروض بلا واسطة ، ويكون الاقتضاء حقيقيّاً وبلا عناية ، أما على مسلك المشهور ، فإنّ هذا العروض إنما هو بواسطة أمر أعم ، لأنّ ذلك لا يختص بالأمر الكتابي بل كلّ أمر كذلك - بناءً على القول به - سواء وقع في الكتاب أو لا ; وكذا في السنّة ، فهناك عروض بواسطة أمر أعم ، والعارض على الشيء بواسطة الأمر الأعم من العوارض الغريبة عندهم كما تقدّم . وأيضاً : لا يلزم بناءً على مذهب صاحب ( الكفاية ) أنْ يكون العروض باقتضاء ذات المعروض ، إذ الملاك عندهم هو أن لا تكون واسطة في العروض ، وعليه ، فالحجيّة تثبت للخبر مثلا ، لعدم الواسطة في عروضها عليه ، مع أنها ليست باقتضاء ذاته . السبب في عدول الكفاية ثم إنّ السبب في عدول أصحاب هذا القول - كصاحب ( الكفاية ) - عمّا قاله المشهور ، هو التخلص من اشكال يلزم عليه ، وتوضيح ذلك هو : إنّ المحمولات في مسائل العلوم تعرض على موضوعاتها ، وتلك الموضوعات هي الواسطة لعروضها على موضوع العلم ، فمثلا - في علم النحو - يعرض الرفع على الفاعل ، وبواسطته يعرض على الكلمة التي هي موضوع علم