وامّا ما يقال في الجواب عن الأخبار المذكورة بأنّه يعارضها ما رواه سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن زكريّا بن آدم انّه قال سألت أبا الحسن ( ع ) عن رجل مات وأوصى بحجّة أيجوز أن يحجّ عنه من غير البلد الذي مات فيه فقال ( ع ) امّا ما كان دون الميقات فلا بأس [1] .
ففيه أوّلا انّ هذه الرّواية ضعيفة من حيث السّند فان سهل ابن زياد ممّن ضعّفه النجاشي والشّيخ في بعض المواضع وفي بعض كتب الرّجال انّه كان ضعيفا جدا فاسد الرّواية والمذهب وكان أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري أخرجه عن قم وأظهر البراءة منه وأنّه يروي المراسيل ويعتمد المجاهيل .
وثانيا انّ هذه الرّواية مطلقة يمكن تقييدها بالأخبار المذكورة المفصّلة بين سعة المال فمن البلد ونقصه فمن الأقرب إلى البلد فالأقرب كما في بعض الأخبار أو من دون الميقات كما في بعضها الآخر وكيف كان فلا ريب في إنّ الأخبار المذكورة أظهر دلالة من خبر زكريّا بن أدم لأنّها أخصّ .
وأمّا ما قاله في المستمسك مع إنّ الجمع بينه ( يعني خبر محمّد بن عبد اللَّه المذكورة آنفا ) وبين خبر زكريّا ابن آدم حمل الأوّل على ما إذا عيّن مالا للحجّ كما ورد في موثّق عبد اللَّه بن بكير عن أبي عبد اللَّه ( ع ) انّه سئل عن رجل أوصى بماله في الحجّ فكان لا يبلغ أن يحجّ به من بلاده قال ( ع ) فيعطى في الموضع الذي يحجّ به عنه [2] فإنّه أقرب من حمل الثّاني ( خبر زكريّا ابن آدم ) على صورة الاضطرار كما هو ظاهر .
وإن شئت قلت بعد تقييد خبر زكريّا بموثّق ابن بكير بحمله على صورة عدم الوصيّة بمال معيّن يدور الأمر في الجمع بينه وبين خبر محمّد بن عبد اللَّه بين التّصرّف فيه بحمله على صورة الضّرورة وبين حمل خبر محمّد على صورة الوصيّة بمال معيّن فيكون المراد من قوله ( ع ) ( على قدر ماله الذي عيّنه للحجّ ) ولا ينبغي التأمّل في أنّ الثّاني أولى لأنّ حمل الأوّل على حال الضّرورة بمنزلة الطَّرح له فيكون الدّوران ح بين الطَّرح والتّخصيص والثّاني أولى إلخ .

[1] في الباب الثاني من أبواب النيابة في الحجّ من حجّ الوسائل .
[2] في الباب الثاني من أبواب النيابة في الحجّ من حجّ الوسائل .

292