يسار بل بسائر الأخبار المذكورة وذلك لإعراض الأصحاب عنها وأنت خبير بانّ عدم عمل الأصحاب لعلَّه لعمومات المنع عن تصرّف مال الغير أو حملها على المحامل المذكورة وغيرها أو لتعارضها أو التّرجيح للأخبار المانعة والتّخيير لعدم التّرجيح لأحدهما أو غيره من الوجوه المذكورة في كتب الفقه وهذا لا يوجب ضعفها وعدم جواز العمل بها وسقوطها عن الحجّية بل عرفت أنّها متواترة توجب القطع بصدورها عن الحجّة ولا موجب لطرحها وامّا تحقّق الإجماع على عدم ملكيّة الأب لأموال الولد ولا الولاية التامّة عليه إذا كان كبيرا لا يوجب منع القول بجواز أخذ الأب من مال ولده بالمقدار المتعارف إذا احتاج إليه عرفا ولو للحجّ أو الضّيافة بحسب حاله أو الجارية إن لم تكن له ونحوها وعلى هذا فنقول قول النّبي ( ص ) ( أنت ومالك لأبيك ) ليس المراد الملكيّة ولا الولاية المطلقة بل يمكن أن يكون اللَّام لنحو من الاختصاص من حقّ أو إباحة ونحوهما كما لا يخفى وهكذا سائر الأخبار الدالَّة على جواز تصرّف الأب في أموال الولد مع الاحتياج عرفا بالمعنى الذي ذكرناه مكرّرا .
تبصرة 8 - ثمّ على فرض الإشكال في جواز أخذ الأب من مال ولده زائدا على النفقة الواجبة فلا إشكال في جواز الحجّ منه له بل وجوبه عليه لتحقّق الاستطاعة كما حقّقناه سابقا من تحقّق الاستطاعة بمجرّد قدرته على الحجّ من مال حلال ولذا قال الشّيخ في النهاية والخلاف بالوجوب كما نقلنا عنه وذلك لانّ الإطلاقات المانعة عن أخذه زائدا على مقدار الضّرورة على فرض اعتبارها قابلة للتّقييد بصحيحة سعيد بن يسار لكونها أخصّ منها وامّا الإشكال في الصّحيحة فقد عرفت ضعفه كما لا يخفى .
المسئلة الثّالثة والمائة إذا حصلت الاستطاعة يجب عليه الحجّ ويجزى حجّه عن حجّة الإسلام سواء كان أنفق من ماله الحلال أو الحرام أو في نفقة غيره لنفسه أو حجّ متسكَّعا ويحرم الإنفاق من مال الحرام بل لا يقبل حجّه كما في الرّوايات الكثيرة أحدها عن رسول اللَّه ( ص ) انّه قال في آخر خطبة خطبها ومن اكتسب مالا حراما لم يقبل اللَّه تعالى منه صدقة ولا عتقا ولا حجّا ولا اعتمارا وكتب اللَّه له بعدد اجزاء ذلك

173