لا يعلمون وغيرهما من الآيات الواردة في نفي الاستواء بين الأعمى والبصير والمهتدي والضّال استدلّ به في المفاتيح ثم أمر بالتأمّل وهو في محلَّه لأنّ الاستواء المنفي في هذه الآيات غير مقصود به العموم الشامل للأحكام بل بما يرجع إلى ما يتعلَّق بأمر الآخرة من المكرمات والدّرجات أو الجنّة والنّار لأنّ المساواة في مثل الإرث من الأحكام الشرعيّة أو الأكل والشرب من الأمور العادية أو غير ذلك ممّا ثبت فيه المساواة بداهة ليست خارجة من الآيات وإلَّا لزم تخصيص الأكثر المستهجن فالمراد به ممّا لا يتعلَّق به غرض الفقهاء والأصوليين السّادس بناء العقلاء استدلّ به في محكي الأحكام حيث قال إن العقلاء يرجحون بعقولهم العمل بالراجح وفي صغراه لنا كلام وفي كبراه تأمّل يظهران لمن راجع ما أسبقناه في قاعدة الجمع عند الاستدلال على وجوبه بصرف الظاهر إلى الأظهر السّابع التقرير لما روي أنّ النّبي صلى الله عليه وآله قرّر معاذا في ترتيب الأدلَّة وتقديم بعضها على بعض حين بعثه قاضيا إلى المدينة استدلّ به العلَّامة في محكي النهاية والآمدي في محكي الأحكام وهو جيّد لما فيه من تأييد الأدلَّة المذكورة أمّا الدلالة فلا لأن فعل معاذ مجمل محتمل لغير ما نحن بصدده من الترجيح بالظنّ مضافا إلى عدم وضوح سنده بل في شرح الوافية للسيّد الصّدر رحمه الله أن حديث معاذ غير ثابت بل نقل عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال لا أكب أي لا أكب إليك الثامن الأخبار الواردة من طرقنا في ترجيح بعض الأخبار على بعض إذا اختلفت وتعارضت وهي كثيرة فوق حدّ التواتر مشتملة على جميع من وجوه الترجيح أحدها الترجيح بصفات الراوي من العدالة والفقاهة والورع والوثاقة وفيه ممّا عثرت روايتان مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة المشهورة وثانيها الترجيح بموافقة الكتاب وأورد فيه في الوافية أربع روايات وثالثها الترجيح بالشهرة وأورد فيه روايتين ورابعها الترجيح بموافقة السّنة ونقل فيها أيضا روايتين وخامسها مخالفة العامة وما يجري مجراها من مثل الحكام ونقل فيها سبع روايات وسادسها الترجيح بتأخر الورود ونقل فيها ثلاثة وسابعها موافقة ما علم من أحاديث الإمامية المروية عن الأئمة عليهم السلام وتدلّ عليه روايات كثيرة وعمل الفاضل الجزائري قدّس سرّه في هذا الباب رسالة مبسوطة غاية البسط وأورد فيها روايات أخر غير ما في الوافية نقلها السيّد الشارح قدّس سرّه وأكثرها متعلَّقة بموافقة الكتاب والسّنة فلا على من راجعها ليزداد وثوقا والعمدة في الباب عند مشايخنا العظام هذه الرّوايات وأمّا من سبقهم فاعتمدوا في وجوب الترجيح على غيرها من الأدلَّة المذكورة وغير المذكورة ولم يتمسّك بها أحد إلَّا قليل بقليل وما أشبهها بأخبار الاستصحاب في غفلة السّابقين عنها والتفات المتأخرين إلَّا أنّ في التعويل عليها إشكالات لا بأس بالتنبيه عليها وهي بين ما هو مشترك بين الكلّ وبين ما هو مختص بالآحاد فمن الأوّل أنّ المسألة الأصولية مطلوب فيها العلم وإثبات المسائل العملية بأخبار الآحاد ممّا لا سبيل إليه عند الأكثر ودعوى أنّها مستفيضة بل بالغة حدّ التواتر غير نافعة لأنّ القدر المشترك بينهما ممّا لا فائدة فيه إذ لا يتصوّر الجامع بين هذه الوجوه السّبعة المذكورة إلا عنوان أحدها الغير المعيّن ومقتضاه التخيير في وجوه الترجيح وهو مع خروجه عمّا هو المقصود في المقام باطل إجماعا وثبوت الترجيح بأحدها المعيّن في الواقع الَّذي يعلم من العلم بصحّة بعض هذه الأخبار وصدوره أيضا غير مفيد كما لا يخفى وقد يجاب عنه بأن المسألة الأصولية لا مانع من ثبوتها بالظن المعتبر كما أجاب صاحب المعالم قدّس سرّه عن المحقق في خصوص الترجيح بمخالفة العامة فراجع ومنها أنّها معارضة بأنفسها لأن إطلاق دليل كلّ واحد منها قاض بعدم الالتفات إلى الآخر فإذا فرض [ اتفق ] الرجحان من حيث الصّفات مثلا في أحد الجانبين والرّجحان بالشهرة ونحوها في جانب آخر لزم التوقف والتساقط ولا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر للزوم الدّور كما لا يخفى والجواب عنه وعن سابقه أنّ المقصود في المقام إثبات وجوب الترجيح كلَّية في الجملة وهذا المعنى كالتواتر المعنوي يستفاد من هذه الرّوايات لبلوغها حدّ التواتر كما عرفت ودعوى أنّه لا فائدة فيه كما ترى لأنّ فيه إبطالا للقول بالسّلب الكلَّي والبناء على التخيير أو التوقف مطلقا كما أن تعارضها بأنفسها غير جار في مادّة الافتراق فيثبت بها وجوب الترجيح عند عدم المعارضة وهو كاف في إثبات الموجبة الجزئية لأن البحث في تعارض المرجحات مقصد برأسه يأتي الكلام فيه ومنها أنّها معارضة بأخبار التخيير والتوقف فيتساقطان وربّما أجيب بأنّ هذه الأخبار معتضدة بالشهرة والإجماعات المنقولة وهو كما ترى دور لا يلتفت إليه وكذا ما أجيب بأنّها أخصّ مطلقا من تلك الأخبار فيجب التخصيص إذ التخصيص والتقييد أيضا من وجوه الترجيح الراجع إلى العمل بأقوى الدليلين اللَّهمّ إلَّا أن يدعى خروج العام والخاصّ من المتعارضين وقد عرفت ضعفه غير مرّة والأولى أن يجاب بأنّ الترجيح إنّما هو بعد تعذر الجمع حسبما حققناه في المقصد الأوّل ومقتضى الجمع بينهما تخصيص تلك الأخبار بهذه الأخبار ولا يتوقف على ثبوت قاعدة العمل بأقوى الدليلين بقول مطلق وإن كان هو أيضا داخلا في هذا العنوان والمحصّل أنّ الجمع بين الدّليلين وإن كان من باب تقديم ما هو أرجح دلالة على الآخر إلَّا أن عليه أدلَّة أخرى وقد فرغنا الكلام فيها سابقا والمقصود هنا إثبات الترجيح بعد تعذر الجمع فإذا راعينا قاعدة