< فهرس الموضوعات > الكلام في ذكر أقسام التعارض وبيان قاعدة الجمع < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > الصورة الأولى < / فهرس الموضوعات > غير بيّنة ولا مبيّنة وقصوى ما قالوا في وجهه أنّ المنساق في أذهان العرف وأهل اللَّسان من العام هو ما عدا الخاصّ لأنّه إذا قال أكرم العلماء ولا تكرم زيدا فلا يشكّ أحد ممّن يسمع الكلامين أنّ غير زيد من أفراد العلماء يجب إكرامه وزيد لا يجب إكرامه وعدم التعارض بينهما بيّن وقد صرّح به في القوانين ووافقه جماعة ممّن تأخّر عنه وفيه أنّ العبرة في تحقق التعارض إنّما هو تنافي مدلولي الدليلين والتنافي بين مدلول العام وبين مدلول الخاص بين لا سترة فيه ودعوى اعتبار كون المدلول مجملا في التعارض لا يساعدها تعريفه بتنافي مدلول الدليلين مجرّدا عن الشرط المذكور مع أنّه مستلزم للمحال لأنّ اعتقاد كون المراد بالعام هو ما عدا الخاص مسبّب عن تعارضهما إذ لو لم يكن العام معارضا لم يحصل هذا الاعتقاد فعلَّة الاعتقاد المذكور هو التعارض فكيف يتحقق هذا المعلول بدون العلَّة والحاصل أنّ التعارض بين العام الظَّني والخاص القطعي موجود فضلا عن الخاص الظني غاية الأمر بناء العرف على الجمع بحمل العام على الخاص نظرا إلى العلم بعدم إرادة الخاصّ في العام بسبب التعارض وهكذا الحال في كلّ أصل حقيقة مقرونة بقرينة صارفة فإنّ التعارض بينهما متحقق إلَّا أنّ أصل الحقيقة أي قاعدة حمل اللَّفظ على الحقيقة لا يجري فيه وأين هذا من دعوى عدم التعارض وتظهر الثمرة في الخاصّ الظَّني والقطعي الثابتين بطريق ظنّي إذ بعد صدق التعارض لا بدّ من إقامة الدليل على التخصيص في الموضعين وإلَّا فالتوقف إن كانا قطعيين سندا والتخيير أو الترجيح لو كانا ظنيين وما ذكرنا من العام والخاص مثال عن كلّ نصّ وظاهر الخامس أنّ الجمع في الدلالة قد يحصل بالتأويل في أحدهما المعيّن وقد يحصل بتأويل أحدهما الغير المعيّن وقد يحصل بتأويلهما معا وتشريح المقام أنّ التعارض على أقسام ( الأوّل ) تعارض النصّ والظاهر مطلقا ( والثّاني ) تعارض الظَّاهر والأظهر مطلقا ( والثّالث ) تعارض الظاهرين كذلك ( الرّابع والخامس ) الأوّلان بالإضافة بأن كان كلّ منهما نصّا أو أظهر من وجه وظاهر من وجه آخر كما لو قال أكرم العلماء ولا تكرم العلماء فإنّ الأوّل نصّ في العدول وظاهر في الفساق والثاني بالعكس وعلى جميع التقادير إمّا أن يكونا قطعيي الصّدور أو ظنيي الصّدور أو مختلفين وعلى الأخير فالقطعية إمّا في جانب النصّ أو الأظهر أو في جانب الأخير فهذه ستّة عشر قسما والجمع في بعض هذه الأقسام غير ممكن وهو تعارض الظاهرين المتساويين في الظهور من جميع الجهات وفي بعضها اتفاقي وفي بعضها خلافي فلنذكر أوّلا دليل قاعدة الجمع ثم نأخذ مقتضاه في مواضع الخلاف فنقول أولا واستدلّ عليه فيما عثرنا العلَّامة قدّس سره في التهذيب ومحكي النهاية بأنّ دلالة اللَّفظ على تمام معناه أصلية وعلى جزئه تبعيّة وعلى تقدير الجمع يلزم ترك دلالة تبعيته وهو أولى من ترك دلالته الأصلية كما على تقدير الطرح وردّه في محكي النهاية بأن في الجمع عملا بدلالتين تبعيتين وإهمالا للدّلالة الأصلية في كلّ من الدليلين وفي الطَّرح عمل بدلالة أصلية وتبعيّة والعمل بأصلي وتبعيّ أولى من العمل بالتّبعيتين وإهمال الأصليين وهذا لا يتوجّه على الدليل المذكور إلَّا في بعض الصور وهو تعارض الظاهرين وفي مثله لا تجري قاعدة الجمع في بعض الصّور أي لا يمكن وفي بعضها الآخر عند أكثر المحققين وأمّا غيرها من صور إمكان الجمع فالدليل المذكور جار فيه ولا يتوجه عليه الرد المذكور من العام والخاص ونحوه من صور تعارض النصّ والظَّاهر أو الأظهر والظاهر لأنّ الجمع هنا لا يستلزم إهمال الدّلالة الأصلية في كلّ من المتعارضين بل في خصوص الظاهر وردّه في القوانين بأنّه لا دليل على اعتبار هذه الأولوية وفيه أن ظاهرهم في تعارض الأحوال بناء على الأخذ بالأولى عند الدّوران في صورة التعارض فعلى أصله وأصلهم لا يتمّ هذا الردّ أيضا وزاد بعض من تأخّر عنه عليه منع الصّغرى أيضا ومنع الأولوية ويأتي ما فيه أيضا من ثبوت الأولويّة عند دوران الأمر بين رفع اليد عن ظاهر الدليل بالكلَّية أصلا وتبعا أعني الطرح وبين رفع اليد عن خصوص الدلالة الأصلية بحمله على المجاز بعد القرينة الصّارفة ولم أعثر على دليل آخر للقاعدة غير هذا الدليل إلَّا ما نقل عن تمهيد القواعد من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال فيجب لاستحالة الترجيح بلا مرجح وقد عرفت أنّ هذا لا مساس له بالجمع المبحوث عنه وهو الجمع في الدلالة على وجه يرتفع به التنافي بينهما فذكره في المقام ممّا لا وجه له على التحقيق وربّما استدلّ أيضا بالإجماع وبناء العقلاء وفيه أنّهما لا يجديان مع الخلاف والتحقيق في المقال أن يفصّل بين الأقسام ويذكر ما تقتضيه القاعدة في كلّ واحدة منها فنقول قد عرفت أن قاعدة الجمع كما تجري في ظنّي الصّدور كذلك تجري في قطعي الصّدور فإذا كان المتعارضان مقطوعي الصّدور والجهة فالتعارض منحصر في الدلالة فلا بد من إعمال ما تقتضيه القاعدة عند تعارض الأصول اللَّفظية وقد عرفت أيضا أنّ الصّور كثيرة الأولى أن يكون أحدهما نصّا مطلقا والآخر ظاهرا كذلك مثاله العام والخاص القطعي وما يجري مجراه كالمطلق والمقيد ومنه أيضا تعارض ما يدلّ على التحريم مع ما هو صريح في الرخصة ولا إشكال في وجوب العمل بالنصّ ورفع اليد عن الظاهر في مورد التعارض بل قالوا إنّه لا تعارض بينهما كما مرّ ثم بعد ذلك إن كان لذلك الظاهر معنى مجازي ظاهر حمل عليه وبذلك يحصل العمل بالدليلين