responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 333


المكلَّف على المجموع لأن النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات فلا يمكن إناطة العقاب على الإصابة الَّتي هي غير مقدورة وكذا سائر الأفعال التوليدية فإن الأحكام العقلية إنّما يترتب عليها لمقدّماتها الاختيارية خاصة ولا مدخلية لما يترتب عليها قهرا من الغايات فيها رأسا وحينئذ فلا فرق في ترتب العقاب العقلي بين المصيب والمخطئ فإن قلت إن الأمر الغير الاختياري وإن لم يكن مؤثرا في الحسن والقبح لكن لا مانع من كون عدمه سببا لعدم استحقاق العقاب فلا مانع من كون عدم الإصابة للواقع سببا لعدم استحقاق العقاب قلت ليس الكلام في استحقاق العقاب وعدمه بل في القبح العقلي والحرمة الشرعية والإقدام على مخالفة المولى إمّا أن يكون كافيا في الذم والقبح أم لا فإن كان كافيا ثبت كونه قبيحا عقلا فيترتب عليه القبح الشرعي بقاعدة الملازمة وإن لم يكن كافيا بل يتوقف على أمر غير اختياريّ وهو الإصابة للواقع لزم مدخلية شيء غير اختياري في الحكم العقلي وبطلانه ضروريّ اتفاقي فإن قلت القبيح إنّما هو قتل النّفس الاختياري مثلا وغيره ليس بقبيح ويكفي في كونه اختياريّا كون مقدّماته المولدة له اختيارية فإذا أقدم على القتل وتناول السّيف وقتل نفسا فقد ارتكب قبيحا اختياريا لأن كونه اختياريّا لا يتوقف على كون جميع الإضافات اختيارية بل يكفي في كونه اختياريا تولده وصدوره من الفعل الاختياري بخلاف التجري فإنّه ليس قتلا حتى يكون قبيحا ومجرّد المقدّمات الاختيارية لا دليل على قبحه قلت إذا لم تكن المقدّمة الاختياريّة قبيحة امتنع أن تكون النتيجة الغير الاختيارية قبيحة باعتبار تولدها منها لأنّها بنفسها أمر غير اختياري لا يمكن أن يتصف بالحسن والقبح العقليّين ومنشؤها أيضا أمر غير قبيح ولو كان اختياريّا حسبما اعترفت والمركب من شيئين الغير القبيحين كيف يتصف بالقبح فلا مناص إلَّا عن الالتزام بقبح المقدّمات المنتجة بنفسها وهي موجودة في التجري بعينها وملخّص المقام أن الإقدام على مخالفة المولى والتعرض لتهتك نواميسه هو الَّذي يحكم العقلاء بقبحه وهو سبب تام للقبح العقلي يدور مداره حيثما يوجد فلا محيص عن القول بقبح التجري عقلا فعلا وفاعلا أمّا فاعلا فلأنّه يكشف عن شقاوة المتجري وسوء سريرته وهذا ممّا لا إشكال فيه بل لا خلاف أيضا وأمّا فعلا فلأن التجري إقدام على هتك ناموس المولى وطغيان عليه وهو في نفسه أمر قبيح عقلا فلو أقدم عبد على قتل مولاه وسعى في مقدّماته ذمّه العقلاء على ما سعى عليه من الأفعال الصّادرة عنه بالاختيار ويقبحون ما صدر منه من المقدّمات في إهلاك المولى وإن لم يترتب عليها ما أراده من العمل فلو عاقبه على ذلك فلا يلومونه قطعا فإذا ثبت قبحه كان حراما بالملازمة وأمّا استحقاق العقاب واللَّوم والذّم فهو أيضا لا ينفكّ عن القبح نعم عقاب المعصية لا يحكم باستحقاق المتجري إياه لأنه نظير الحكم الوضعي التوقيفي تابع للموضوع الشرعي والتجرّي ليس منه فلا يحكم بترتبه عليه فتلخص أن العقاب الَّذي وعده المولى غير مترتب على التجري لأنه مجعول ومقرر من جانبه يتبع العنوان الَّذي رتبه عليه ولا يتعدّى إلى غيره ولو كان حراما قبيحا مثله وأمّا أصل استحقاق العقاب عقلا الثّابت في كلّ معصية فوجهان مبنيان على توقفه على خطاب السمع فإن قلنا إن العقاب لا يتوقف على الخطاب الشرعي وإن قوله تعالى ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يعمّ الرّسول الباطن التزمنا بعقاب التجري أيضا لكن عقاب آخر غير عقاب المعصية الَّتي قصدها وإن قلنا إنه يتوقف على خطاب السّمع على حمل الرّسول في الآية على الرّسول الظاهر كما هو أحد الأقوال في مسألة الملازمة وليس ببعيد وإن قيل إن العفو الحتمي قبيح من الشارع لأنّه سبب للوقوع في المعصية ومخالف للطف الواجب فوجهان أيضا فإنّه إن أريد بالخطاب مطلق الرادع يثبت العقاب أيضا لأن الخطاب الوارد في الحرام الَّذي قصده المتجري يكفيه رادعا لأنّه لا يزعم أنّه المتجري بل يرى نفسه مقدّما على الحرام الَّذي نهاه المولى فالنّهي الوارد في المعصية الَّتي قصدها رادع عن التجري أيضا فهو كاف في إقامة الحجّة عليه شرعا كما إذا كان الفعل محرما من جهتين ولا يعلم المكلَّف إلا بجهة منهما فإن علمه بحرمته من جهة واحدة يصحّح عقابه عليه من جهتين كما لا يخفى نظرا إلى قيام الحجّة عليه ولو من جهة خاصة وإن أريد به الخطاب في مورد الحكم العقلي لم يكن عليه عقاب لأنّ عنوان التجري ليس قابلا للخطاب لوضوح أنّ التجري من حيث هو بعنوانه الخاصّ ممّا لا يمكن تعلَّق النهي عليه لأنّ المتجري حال كونه متجريا لا يعلم أنّه متجري ومن حيث عنوانه العام أي الإقدام الَّذي هو القدر الجامع بين التجري والمعصية فهو وإن كان قابلا للنّهي إلَّا أنّ النّهي كذلك ليس بموجود أمّا نواهي المعصية فمع كونها إرشادية فلا يشمل التجري وليس سواها نهي آخر تعلَّق بالعنوان المشترك أي الإقدام على المعصية فالتجري حرام ومعصية شرعا إلا أنّه لا عقاب عليه نظير الظَّهار هذا مجمل القول في ذلك وأمّا التفصيل فهو موكول إلى محلّ آخر ثمّ إنّ في حصول الفسق بالتجري وعدمه وجهين مبنيين على أنّ حصول الفسق بالمعصية هل هو لكشفها عن عدم

333

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست