responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 319


غير واحد من الأخبار على ذلك ومنها ما سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يجنب في السّفر فلا يجد إلَّا الثلج أو الماء الجامد قال عليه السلام هو بمنزلة الضّرورة يتيمّم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض الَّتي توبق دينه ومنها ما سئل أحدهما عليهما السلام عن الرّجل يقيم بالبلاد في أشهر ليس فيها ماء لأجل المراعي وصلاح الإبل قال عليه السلام لا ومنها غير ذلك ممّا يدلّ على وجوب إبقاء القدرة وعدم جواز فعل ما يخرجه عن أهلية التكليف قلت وهذا الجواب أوهن شيء في الباب ولعلّ من ذكره أراد به التأكيد لبعض ما اعتمد عليه من الأجوبة لأن هذا القبح لو سلَّم مع أن مجال المنع فيه واسع فإنّما هو قبح فاعلي لا فعلي إذ لم يصدر منه فعل يذم أو يعاقب عليه والعقاب بلا تكليف ومعصية واضح المنع عند العقلاء وأمّا الأخبار فهي غير محمولة في موردها على وجه التحريم بل هي محمولة فيها على الكراهة فكيف يصحّ الاعتماد عليها في غير موردها لا سيّما في خصوص المقام ونحوه من المسائل العقليّة فتدرّب ومنها ما هو مختارنا ومختار بعض المحققين من الالتزام بوجوب المقدّمة في موارد النقض وأشباهها قبل وقت وجوب ذيها لكن لا بالوجوب المعلولي المستتبع من وجوب ذيها ولا بالوجوب النّفسي الثابت لمصلحة نفسها ولا بالوجوب العقلي الإرشادي بل بوجوب أصلي ثابت بدليل مستقلّ مراعاة لمصلحة ذيها ويسمّى هذا بالوجوب التهيئتي لأنّ فائدته التهيؤ والاستعداد لواجب آخر فهو قسم من أقسام الوجوب يشبه الوجوب النفسي من حيث عدم تولَّده وثبوته من وجوب ذيها بل وبخطاب آخر ويشبه الوجوب الغيري المقدّمي من حيث كونه ثابتا لمصلحة غيره ولو فسّرنا الغيري بما كان مصلحة وجوبه ثابتا في غيره فهذا منه لأن الغيري بهذا التفسير يعمّ ما ثبت وجوبه بخطاب مستقل لمصلحة الغير أيضا وكيف كان لا يرد على المختار شيء ممّا زعموه مثل أن هذا الوجوب إن كان وجوبا نفسيّا فلما ذا يكون عقابه عقاب تارك المقدّمة ويكون تاركه تاركا للواجب الموقت الَّذي هو مقدّمة له فينبغي أن لا يترتب على عدم الغسل مثلا في ليلة رمضان كفارة وأيضا الواجب النّفسي ما كان مصلحة وجوبه موجودا في نفسه لا في غيره والمفروض في موارد النقض وجوب المقدمة قبل الوقت مراعاة لمصلحة ذيها لا لما في نفسها من المصالح وأيّ فرق بين هذا الجواب وجواب العلَّامة وغيره في غسل ليلة رمضان من الالتزام بوجوبه النّفسي لا الغيري الَّذي عرفت ما فيه من الفساد وإن كان غيريّا فيعود إشكال تقدم المعلول على العلَّة لأنا نقول إن الوجوب الَّذي التزمنا به نحن في موارد النقض ليس ثبوته فيها لمصلحة نفسها حتى يتجه علينا الإيرادات السّابقة ولا مستتبعا لوجوب ذيها حتى يلزم تقدم المعلول على العلَّة إذ هو حينئذ لا يكون معلولا لوجوب ذيها بل هو وجوب أصلي ثابت بدليل مستقلّ لمصلحة ذيها حسبما عرفت فاتّصاف المقدمة بهذا الوجوب قبل الوقت مبني على قيام الدّليل عليه وإلا فيبنى على عدم الوجوب ولو علم بعدم القدرة عليها بعد الوقت فمن يعلم أنّه لا يجد ماء بعد الوقت للوضوء وعنده من الماء ما يكفيه لا يجب عليه حفظ الماء أو الوضوء قبل الوقت كما حكم به بعض الأصحاب لفقدان ما يدلّ عليه قط ثم إن ثبوت هذا الوجوب قد يكون بالنصّ كما في الغسل حيث ورد النصّ والإجماع على وجوبه في اللَّيل فعلم أن الشّارع أراد التهيؤ للصّوم في اللَّيل ولولاه لكان وجوب الصّوم مختصّا بمن أصبح طاهرا لأنّ مجرّد اشتراط الصّوم بالطَّهارة غير قاض بوجوب الغسل في اللَّيل بناء على عدم وجوب المقدمة للواجب المشروط حسبما عرفت في صدر الكلام وقد يكون بالإجماع كما في تكليف الكفار بالقضاء وتكليف المرتدّ الفطري بالعبادات فإنّ قيام الإجماع على كون الكفار مكلَّفين بالفروع لو كان دليل على أن الشارع أراد منهم التهيؤ والاستعداد للتكاليف الآتية المستقبلة في تمام عمره فإذا لم يسلم في الوقت استحق العقاب لمخالفة الوجوب المتهيائي عقاب المسلم التارك العاصي فوق عقاب الكفر وعدم الإسلام وقد يكون بقرائن الأحوال وملاحظة غرض الآمر وغير ذلك من العلائم القطعية أو الظَّنية كما لو قال المولى لعبده سافر غدا إلى الموضع الفلاني فإنّه يستفاد من ملاحظة الأمر باللَّيل دون النهار واحتياج المسافرة إلى التهيئة والاستعدادات في اللَّيل وجب التهيؤ عليه قبل النهار فليس له حينئذ ترك التهيؤ أو إعداد العدّة الموجودة مع علمه بعدم القدرة على المسافرة لو لم يستعدّ له في اللَّيل اتكالا على أن المولى لا يكلَّف العاجز الغير القادر بما ليس بمقدور فإنّ شاهد حال المولى وملاحظة أن المسافرة غرضها يعود إلى المولى وكون الإخبار بها في اللَّيل كلَّها دليل قطعي على أنّه أراد منه الاستعداد في اللَّيل وأنه يريد منه الفعل القائم به الغرض الَّذي لا يناط بحسن التكليف وقبحه حتى يدور الأمر بالمسافرة مدار القدرة وبه تفترق الأوامر الشرعية عن الأوامر العرفية لأنّ مدار الثاني على الأغراض العائدة إلى الآمر من غير ملاحظة حسن التكليف وقبحه فهذه قرينة قطعية على وجوب التهيؤ على العبد ليلا في الحال المذكور لئلا يفوت غرض الآمر بخلاف الأوامر الشرعية فإن مصالحها يعود إلى المأمور فيناط بالحسن والقبح العقليين الغير الثابتين في

319

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست