responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 254


في شيء من المقامين ليس من النّسبة الحكمية الَّتي يقولون عين ولا أثر فإنها بيان لمداليل الكلام لا لحالات الإنسان في تحصيل المراد فافهم واغتنم واجعله من هدايانا المقدّمة الثّانية في بيان المراد من قولنا إن الطَّلب عين الإرادة فاعلم أن الآمر إذا أمر فهاهنا شيئان أحدهما إرادة حصول الفعل من الغير والثّاني العبارة الصّادرة منه وهي كاشفة عنها لأن نفس الإرادة الباطنيّة النفسيّة لا يجدي في حصول ما تعلَّق به إرادته بل لا بدّ من إظهارها حتى ينبعث منه المأمور لإتيان مراده فاللَّفظ كاشف عن الإرادة باعث على إقدام المأمور على تحصيل مراد الآمر وباعتبار كشفه عنها دليل إنّي عليها كسائر الألفاظ بالنّسبة إلى مداليلها وورى الأمرين أعني الكاشف والمنكشف ليس شيء آخر لا في نفس المتكلَّم الآمر ولا في الخارج نعم بعد إيجاد الكاشف القولي يصدق عليه عنوان الإلزام والتكليف والبعث وكذا عنوان الطَّلب فالطَّلب والإلزام والإيجاب ونحوها إنّما هي عناوين ثانويّة يتحقق بتحقق اللَّفظ الكاشف عن الإرادة فالكاشف محقق لتلك العناوين وموجد لها فهو بهذا الاعتبار يكون مصداقا لتلك العناوين ولك أن تقول إن نفس الإرادة المقرونة بالكاشف يصير مصداقا لتلك العناوين لكنّه لا يخلو عن تعسف إذ الظَّاهر كون مصداق هذه العناوين نفس الكاشف دون المنكشف المقرون بالكاشف وكيف كان فهو بمراحل عن مقالة القائلين بأن الطَّلب غير الإرادة فإنهم يريدون إثبات واسطة بين الإرادة واللَّفظ ويدعون أن مدلول اللَّفظ هي تلك الواسطة ويعبّرون عنها تارة بالطَّلب وتارة بالإنشاء وأخرى بالإلزام وأمثاله فالطَّلب عندهم من العناوين الأولية كالإرادة على قولنا بخلافه عندنا فإنّه من العناوين الثانوية العارضة للكاشف أو المنكشف على الوجهين فهو على قولنا نظير الضّرب والتأديب المتصادقين في الخارج على الفعل الخارجي الصّادر من المؤدّب في حالة التأديب فكما أنّ الضّرب مصداق للتأديب فكذلك الصّيغة مصداق للإلزام والطَّلب ومن هنا اشتبه الأمر على الأفاضل الكرام من أصحابنا المحققين القائلين بالمغايرة حيث وجدوا عدم تحقق الإلزام والطَّلب بمجرد الإرادة النفسانيّة ما لم يظهره بقوله افعل وما يجري مجراه فزعموا أنّ مدلول الأمر هو نفس الإلزام والطَّلب وأنت بعد الإحاطة بما ذكرنا تعرف أنّه متّضح الفساد لأنّ عدم صدق الطَّلب عند الإرادة المحضة لا يستلزم مدّعاهم وهو كون الإلزام والطَّلب مدلول للأمر لأنا ندعي كون الطَّلب من العناوين الثانويّة العارضة للكاشف عن الإرادة وأن مدلوله منحصر في الإرادة فظهر ممّا ذكرنا أنّه لا محيص من مغايرة الطَّلب والإرادة ومراد أصحابنا من كون الطَّلب عين الإرادة هو أنّه ليس في نفس المتكلَّم الآمر ورى الإرادة شيء وهذا لا ينافي الاعتراف بالمغايرة بالمعنى المذكور كما لا يخفى بأدنى تأمّل وإنصاف وبذلك اتّضح الفرق بين مقالتنا ومقالتهم فإنّ اللَّفظ على مذهبنا دليل إنّي على الإرادة ولمّي على الطَّلب وأشباهه وعلى مذهبهم فهو كاشف عن الطَّلب كشفا إنيّا محضا فتدبّر جيّدا المقدّمة الثّالثة أطبقوا الحكماء والمتكلَّمون على أنّ الإرادة هي الكيفيّة الحاصلة في النّفس القائمة بالذّات كالحبّ والبغض والفرح والهمّ والشّوق والعزم ونحوها بل الأكثرون على أنّها العلم وهو اعتقاد النّفع وبه صرّح الفاضل الفياض ونسبه المحقق الخوانساري إلى الأكثر وعلى هذا فكلّ من فسّر الإرادة بما تفعل بالقلب كما في الشرائع أو بما يوجدها الآمر ويوقعها كما في الفصول ومحكي الرازي في المحصول فقد التزم بمقالة الأشعري من حيث لا يشعر لأنّ قصوى آمالهم أن يبنوا في الآمر فعلا إنشائيّا قائما بالنّفس غير الحالات والكيفيّات النّفسانية القائمة بها فإذا اعترف الخصم بذلك فقد اعترف بمقالتهم وعاد النّزاع لفظيّا حيث إنّهم يسمّونه بالطَّلب والمعتزلة يسمّونه بالإرادة وهذا بعيد عن ساحة هذه المعركة العظمى بين أعاظم العلماء ودعوى أنّ النّزاع في أمر ثالث غير هذا الفعل القائم بالنّفس الَّذي اسمه الإرادة وغير الحالات والصّفات القائمة بها كالعلم والشوق والميل وما يجري مجراها في كونها أوصافا لا أفعالا إنشائيا قائما بالقلب ممّا لا يلتفت إليه الراجع إلى كلماتهم في المقام وأدلَّتهم على المرام ويمكن توجيه ما في الشرائع بتنزيله على القول بأن النيّة هي الإخطار إذ لا شبهة في أنّ إحضار صورة العمل في الذهن عند الاشتغال به عمل قلبيّ يفعل بالقلب لكن التعبير عن ذلك بالإرادة لا يلائمه إذ الإخطار غير إرادة الفعل والعزم على إتيانه كما هو واضح المقدّمة الرابعة تحرير محلّ النزاع يتصوّر على وجوه أربعة أحدها أن يكون النزاع بين الفريقين في أنّ مدلول الأمر وصيغ الإنشائية وهو الطَّلب هل هو عين الإرادة أو غيرها ثانيها أن يكون النزاع في أن الطَّلب هل يعتبر في كونه مدلولا للأمر أن يكون مقرونا بالإرادة أم لا ثالثها أن يكون النزاع في أن مدلول الأمر هل هو الطَّلب أو الإرادة بعد الفراغ عن مغايرتهما رابعها في أن الطَّلب هل هو مستلزم للإرادة أم لا والثلاثة الأخيرة إنما هي على فرض التنزّل عن دعوى العينية وتسليم المغايرة وإرجاع النزاع إلى غير الأوّل مخالف لتصريحاتهم وكلماتهم صريحة في الأول وآبية عن ذلك مع أن الثالث ممّا لم يحتمله من الأصحاب أحد نعم احتمل بعض المحققين الثّاني بناء منه على وضوح مغايرة الطَّلب للإرادة على وجه يبعد ذهاب ذو مسكة إليه فضلا عن الجمهور المعتزلة وفضلا عن الإمامية فلا بدّ من تنزيل ما ظاهره الأوّل من العناوين

254

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست