responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 222


ظاهره كما صرّح به بعض المحققين أنّ مادة الحذر قرينة على كون المراد بالهيئة في المقام الوجوب يعني أنّ الأمر بالحذر حيثما كان لا يتعقل إلَّا أن يكون للوجوب وأنت خبير بفساد دعوى الكلَّية لأنّ الحذر عن غير العذاب الأخروي من المضار كثيرا ما يكون مندوبا لقضاء البداهة بأنّ الحذر حسن يختلف بحسب اختلاف الموارد من حيث نفس المحذور ومن حيث العلم به والشك والظَّن والوهم في ترتبه وعدمه فقد لا يجب الحذر في الضّرر المحقّق أيضا إذا كان يسيرا غير ملتفت إليه عند العقلاء فضلا عن المحتمل بل ربما يستحسن الأمر بالحذر في ما لا يترتب عليه سوى فوت بعض المصالح ودعوى أن المفسدة إن كانت خالصة فدفعها واجب وإن كانت مشوبة بمصلحة قاهرة أو مثلها فلا يحسن الحذر حينئذ لعدم كونها مفسدة مدفوعة بملاحظة حال العقلاء في عدم كمال المحافظة على القرار عن بعض المكاره والحزازات فتأمل وممّا يرشد إلى ما ذكرنا مع وضوحه تطابق العقول على حسن الاحتياط وعدم وجوبه في الجملة عند الأمن من العذاب فلو كان الحذر عن المفسدة مطلقا لا يتصف إلا بالوجوب فأين مورد هذا الاتفاق إلَّا أن يقال إن مورد الاتفاق ما إذا كانت المفسدة محتملة لا محققة وفيه بعد المساعدة عليه أنّه يكفي في تعقل الندب بالحذر أو يقال إنّ حسن الاحتياط غير حسن الحذر والكلام إنّما هو في الثاني دون الأوّل فتدبّر جيّدا وكأنّ إلى ما ذكرنا يشير كلام السّلطان قدّس سره حيث أورده على قوله إذ لا معنى لندب الحذر من العذاب بأنّ هذا مسلَّم في العذاب المحقّق على تقدير عدم الحذر وأمّا في العذاب المحتمل على تقدير عدمه فغير مسلَّم بل مثل ذلك كثير الوقوع في الشرع مثل ندب ترك الطَّهارة بالماء المشمس للحذر عن البرص وندب فرق الشّعر للحذر عن الفرق بمنشار من النّار لا إلى ما فهمه بعض المحققين من الفرق بين احتمال مقتضى العذاب وبين العلم به حتى يرد عليه أنّ العذاب مأمون في الصورة الأولى لاستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان فلا معنى للحذر حينئذ لأنّ ذلك مع بعده عن ظاهر مقالة السّلطان قدّس سره لعدم اشتماله على لفظ المقتضي ساقط في نظر المحققين فكيف عن نظر سلطانهم لوضوح أن مقتضى العذاب لا يتعقل أن يكون محتملا إلَّا في موارد العلم بالتكليف إجمالا ودوران المكلَّف به بين المحتملات والحذر في كلّ واحد من تلك المحتملات واجب عقلا بل شرعا على التحقيق عند الأكثر فكيف يقول بعدم معنى للحذر فيه وفي غير هذا المورد إمّا أن يعلم بوجود المقتضي للعقاب كما في صورة العلم التفصيلي بالتكليف أو يعلم بعدمه كذلك كما في صورة الشك فيه رأسا فلا مورد يحتمل فيه مقتضي العذاب ولا يحسن الحذر فيه وجوبا ولعلَّه رحمه الله جعل التكليف الشرعي الواقعي مقتضيا وبنى على أنّ احتمال وجوده احتمال لمقتضي العذاب وهو كما ترى كلام ظاهريّ جدير بالإعراض عنه لأنّ نفس التكليف ليس مقتضيا للعذاب جدّا بل لا بدّ في اقتضائه من العلم الإجمالي أو التفصيلي فالأليق بحاله قدّس سره تنزيل مقالته على ما حققنا وإن كان في ظاهر لفظ العذاب بعض المنافاة لذلك إلَّا أن الإنصاف بعد الخبرة بمتانة رأيه في سائر المقامات وعامّتها خصوصا في مثل المقام الراجح إلى التّحسين والتقبيح العقليين وسيّما بعد ملاحظة تصريحه بقبح العقاب عند الجهل بالمقتضي فيما يأتي أن حمل كلامه على ما ذكرنا ليس فيه كل البعد ويؤيّده أو يدلّ عليه تمثيله للعذاب بالبرص مع وضوح عدم كونه عذابا فالتحقيق أنّه أراد بالعذاب المضرّة والمفسدة فيرجع محصّل الإيراد إلى أنّ احتمال الضّرر يمكن أن يكون منشأ لندب الحذر احتمالا ومحتملا كما اتضح ممّا قرّرنا المقدّمة الثّانية أن يكون فاعل فليحذر الَّذين إذ لو كان الفاعل مستترا راجعا إلى ما سبق وكان الَّذين مفعولا له أفاد وجوب الحذر عن الَّذين يخالفون أمر اللَّه وهو لا يقضي بوجوب الحذر عن مخالفة الأمر ليتفرّع عليه دلالة الأمر على الوجوب وهي في معرض المنع لأنّ احتمال كونه مفعولا قائم ولا دافع له لفظا أو معنى وأجيب عنه بأنّ هذا أيضا يكفي في إثبات المدعى لأنّ الحذر عن المخالفين للأمر ليس إلَّا من جهة كونهم مخالفين فحيثية المخالفة دليل على أنّ الأمر يدلّ على الوجوب قلت وأنت خبير بفساده لأنّ مخالفة الأمر غير صالحة لإيجاب الحذر عن المخالفين وإلَّا لكان الحذر عن الكفار أولى بالإيجاب مع أن الآيات الواردة في ذم الكفار لا إشعار فيها بذلك إلَّا أن يقال إنّ المراد بالحذر ترك الموادة والموالاة وهو تعسّف ركيك كما لا يخفى أو يقال إنّ مدلول الآية إذا كان هو الحذر عن مخالفي الأمر فلا جرم تدلّ على عليه وصف المخالفة وليس المراد أنّ مخالفة الأمر الوجوبي ممّا يقتضي الحذر عن المخالف حتّى يتوجّه المنع أو النّقض بالكفار بل المراد أنّه إذا كان مدلول الآية ذلك فلا جرم تدلّ على عليه وصف الحيثية مع أنّ الظاهر عدم كونه مفيدا أيضا لأنّ مخالفة الأمر الوجوبي إذا جاز أن تكون علَّة لوجوب الحذر عن المخالف فلم لا يجوز أن يكون مخالفة الأمر النّدبي أيضا كذلك فتدبّر فالصّواب في إبطال هذا الاحتمال مضافا إلى ما ذكره المحشي الشيرازي من عدم سبق شيء قابل لإرجاع الضّمير إليه أنّ الإجماع قائم على عدم وجوب الحذر بمعناه الحقيقي عن العصاة والكفار ولو حمل على ترك الموادة فهذا مجاز يدفع بالأصل والثّالثة أن يكون المراد بمخالفة الأمر ترك المأمور به فلو كان المراد بها حمل الأمر على غير وجهه من الوجوب أو الاستحباب أو كان المراد به الحكم بخلاف ما أمر اللَّه به سقط الاستدلال أقول لا يخفى ما فيهما من البعد عن صريح الآية فضلا عن ظاهرها خصوصا الأخير إذ لم نجد عليه شاهدا في المحاورات والاستعمالات والعجب

222

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست