على إرادة بعض المعاني قرينة إذا لم تكن تلك القرينة صارفة للَّفظ عمّا عداه لأنّ المقتضي لإرادة الباقي أيضا موجود والمانع وهي القرينة مفقود بخلاف الثاني فإنّ مبناه على العموم من باب الحكمة ولا مسرح له مع قيام القرينة على البعض لكفاية ذلك في إخراج الكلام عن الإهمال ومن هنا يظهر أنّ التحقيق قاض بصحّة الأوّل دون الثّاني وكيف كان فالمشهور بين المجوّزين الحكم بالإجمال مع عدم القرينة لا الحمل على الجميع وهو الحق في الأدلَّة الشرعيّة لعدم جواز التّعويل على أصالة عدم القرينة في الحمل على الكلّ بسبب ندرة استعمال اللَّفظ المشترك في المعنيين فالظنّ النوعي الَّذي هو الباعث على الاعتماد على الأصول اللَّفظية يساعد في المقام على خلافها نعم يتجه كلام الشيخ في الخطابات الشفاهيّة لأنّه إذا فرضنا تجرّد اللفظ عما يعيّن أحد المعاني من القرائن الحالية والمقالية وقلنا بجواز استعمال المشترك في جميع المعاني وإنّه يجري مجرى العامّ وكان المقام مقام البيان لا مقام الإهمال والإجمال تعيّن الحمل على الجميع لوجود المقتضي وهو الوضع وانتفاء المانع لكن الظَّاهر أنّ بناء الأصحاب في باب الوصايا والأقارير على خلاف ذلك حيث يحكمون بفساد ما يتعلَّق منهما بما يطلق اسمه على معنيين مختلفين إلَّا أن يحمل كلامهم على ما إذا علم بشهادة الحال أو بغير ذلك إرادة أحد المعاني وقد ذكروا في ما لو أوصى لمواليه شمولها للمعتق والمعتق وإن تردّد فيه بعض أو منع بناء منه على هذه المسألة ويمكن أن يقال بأنّ المولى اسم جنس للرابطة الموجودة بين المعتق والعتق كالأخوة فشموله لهما شمول الجنس للأفراد ولعلّ تنظير الشّيخ له بالأخوّة في تلك المسألة يقرب هذا الاحتمال وبقية الكلام في الفقه وكيف كان فقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّ القائل بالجواز مجازا لا يتيسّر له القول بإرادة الجميع في الأدلَّة عند عدم العلم بالقرينة المعيّنة لأنّ أصالة عدمها معارضة في المقام بالغلبة والاستقراء والحاكمين عليها أو المانعين عن جريانها فافهم والعجب أنّ العلَّامة مع ذهابه إلى التجوز في المسألة قال في مسألة تعارض العرفين بوجوب الحمل على الجميع وقد سبق بعض الكلام في ذلك هنالك ولو حمل كلامه على الخطاب الشفاهي لتمّ ما ذكره لأن عدم ذكر قرينة التعيين عند اختلاف العرف دليل بقرينة الحكمة على إرادة الكلّ ولو كان مجازا كما لا يخفى والله الهادي بديعة الكلام في استعمال اللَّفظ في المعنى الحقيقي والمجازي كالكلام فيما سبق وقد عرفت فيما نقلناه عن العدّة تصريح المانعين والمجوّزين بذلك والكلام في الثمرة مثل ما مرّ والمختار المختار ولكن قد يتخيّل أنّ الدليل الَّذي عولنا عليه في المسألة السّابقة غير آت هنا لأنّ الاستعمال في المعنى المجازي لا يجب أن يصل إلينا من أهل اللَّسان حتى يستدلّ بعدم الوصول على كونه غلطا عندهم كما في الحقائق إلا أنّه تخيّل فاسد لأنّه جار في المقام حرفا بحرف لأنا نقول إن التتبّع في الاستعمالات الواردة والاستقراء في طريقة المحاورات يدلّ على عدم صلاحية اللَّفظ الواحد للتعبير عن المعنيين المختلفين عند أهل اللَّسان فاللَّفظ الواحد عندهم قاصر عن إفادة المعنيين قصورا لغويّا ناشئا من عدم التعاهد والتعارف سواء كان المقتضي للتعبير هو الوضع أو العلاقة ومقتضى التوقيفية في اللَّغات الاقتصار على ما علم من طريقتهم جوازه وعدم التّخطي إلى اقتراح جديد في المستعمل والمستعمل فيه أو الاستعمال سواء كان الخروج عن الطَّريقة بتغيير اللَّفظ أو المعنى أو كيفية الاستعمال ولا يذهب عليك أنّ هذا ليس رجوعا إلى القول باشتراط نقل الآحاد في المجاز بل إلى إحراز صلاحيّة اللَّفظ للاستعمال زيادة على إحراز الوضع أو العلاقة لأنّ التحقيق أن المصحّح للاستعمال يحتاج بعد إحراز أحد الأمرين إلى أمر زائد وهو التعاهد والتعارف فكلّ من الوضع والعلاقة شرط في صحّة الاستعمال والتعارف شرط آخر ولعلّ ما ذكرنا هو مراد المحقق القمّي رحمه الله في المقام لأنّ منع وجود العلاقة المصحّحة للاستعمال في المقام كما في استعمال اللَّفظ في المعنيين الحقيقيين واضح الفساد إذ العلاقة المصحّحة للاستعمال لا يعقل خروجها عن الصّلاحية بمجرّد ضمّ إرادة المعنى الحقيقي إلى إرادة المجازي وليس المقام من باب استعمال الكلّ في الجزء حتى يمنع اطرادها بدعوى اختصاصها بالمركبات الخارجية كما لا يخفى وقد يستدلّ في المقام مضافا إلى ما ذكرنا بالأولوية لأنّ الوضع أقوى سبب للاستعمال فمع عدم صلوحه للجمع بين المعنيين في استعمال واحد تكون العلاقة والمناسبة أولى بعدم الصّلاحية وفيه نظر وقد يستدلّ أيضا على المنع هنا ولو قيل بالجواز هناك بما صرّح به علماء البيان في الفرق بين المجاز والكناية من أنّ المجاز ملزوم للقرينة المعاندة لإرادة المعنى الحقيقي دون الكناية وملزوم معاند الشيء معاند له وأجابوا عنه في حواشي المعالم بأنّ اللَّازم في المجاز هي القرينة المعاندة لإرادة المعنى الحقيقي منفردا ومستقلا بدلا عن إرادة المعنى المجازي لا مطلقا وزاد المدقق الشيرواني وقال إنّه لا إشكال في صحّته استعمال اللَّفظ الموضوع للجزء في الكلّ مجازا وفيه جمع بين المعنى الحقيقي والمجازي وإن كان إرادة الحقيقي تبعا وهذا يدلّ على أنّ قرينة المجاز لا تجب أن تكون معاندة لإرادة المعنى الحقيقي بجميع أنحاء الإرادة وأجاب بعض الأجلَّة عن الأول بأنّه فيه حملا لكلماتهم على خلاف ما هو الظاهر إذ المتبادر من المعاندة معاندتها لإرادة المعنى الحقيقي مطلقا قلت بعد المساعدة على دعوى التبادر يمكن تنزيل كلماتهم على الاستعمالات الغالبة المتعارفة وهي ما أريد به معنى واحد فيرجع محصّل الفرق إلى أنّ الاستعمال الوحداني إن لم يكن مقرونا بالقرينة فهي الحقيقة وإن كان مقرونا بها فإن كانت مانعة من إرادة المعنى الحقيقي بدلا عن المعنى المجازي فهو المجاز وإن لم تكن كذلك بل كان