غير موجودة في المحاورات ولذا اعترف نجم الأئمة على ما عزي إليه بأنّ استعمال اللَّفظ في المعنيين عند التثنية لم يوجد له شاهد أصلا إلَّا أن يقال لا حاجة هنا إلى القرينة لأن التأويل إلى المسمّى مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة فمتى لم يكن عليه قرينة حمل على تكرار اللَّفظ بمقتضى وضع العلامة فإن قلت تأويل الزيدين إلى المسمّيين بهذا الاسم على ما ادّعيت مجاز مع أنّ الظَّاهر الاتفاق على كون زيدان وزيدون مثلا حقيقة قلت نمنع الاتفاق على ذلك مع ندرة وجوده في المحاورات لأن تثنية الأعلام وجمعها تستعملان غالبا من باب المثال واستراح بعض المحققين من السّادات عن كونه مجازا بدعوى ثبوت الرّخصة من الواضع في إرجاع مدخول العلامتين إلى المسمّى في الأعلام وأنت خبير بضعفه وسقوطه كما يظهر بالتأمل في حال وضاع الأعلام وبعدها عن الترخيص المزبور وأمّا ثالثا فلأنّ ما ذكره لو كان صحيحا لاقتضى كونه على وجه الحقيقة في المفرد أيضا على ما بني عليه من عدم اعتبار قيد الوحدة حال التثنية لجريانه في سائر القرائن الدّالَّة على إرادة التعدّد إذ الفرق بين خصوص العلامتين وبين سائر ما يكون قرينة على إرادة المعنيين من المشترك لا محصل له ودعوى أنّ العلامة كالعاطف بمنزلة تكرار اللَّفظ دون المعنى فزيدان يجري مجرى زيد وزيد فالتعدّد مستفاد من المجموع لا من لفظ المدخول بأن يكون العلامة بمنزلة القرينة ولا من العلامة خاصّة حتّى يلتجأ إلى تأويل المفرد إلى معنى قابل للتعدّد كالمسمّى وهذا لا يتمشى في سائر القرائن الدّالة على إرادة المعنيين كما لا يخفى مدفوعة بأن استعمال العلامة في تكرار المعنى وتعدّده في غير الأعلام مثل رجلين على وجه الحقيقة أمر ثابت بالضّرورة والجامع بين تكرار اللَّفظ وتكرار المعنى على وجه يصلح للقول بأنّه الموضوع له غير واضح إلا مفهوم أحد الأمرين من اللَّفظ أو المعنى وهو أيضا غير صالح لأنّه مفهوم انتزاعي عن موارد الاستعمال وممّا ليس استعمل فيه علامة التثنية في الاستعمالات الدّائرة فهو ممّا تقضي البداهة بعدم ملاحظة الواضع إياه حال وضع العلامة وعلى تقدير تسليم الملاحظة فالموضوع له إنما هي الخصوصيات المندرجة على ما هو الشّأن في وضع الحروف والمبهمات من عموم الوضع وخصوص الموضوع له فلا بدّ من القول باشتراك العلامة بين تكرار اللَّفظ وتكرار المعنى لفظا بالتفصيل أو بالإجمال وكلاهما مخالفان للأصل مع ما عرفت من ندرة موارد استعمالها في تكرار اللَّفظ أعني الأعلام ومن إمكان تأويل هذه الموارد أيضا إلى تكرار المعنى بإرجاع مدلول المفرد إلى المسمّى وإن كان مجازا لأنّ المجاز أعني لحوق النكارة للأعلام قد ورد في الاستعمالات الشائعة في حال الإضافة كما مرّ في مررت بأحدكم وفي سائر الحالات الآبية عن بقاء العلم على حقيقة مثل التوصيف ونحوه بخلاف الالتزام بتعدّد الوضع تفصيلا أو إجمالا بملاحظة ذلك المفهوم الانتزاعي لأنّ الالتزام بذلك في غاية البعد عن الاعتبار مضافا إلى أولوية المجاز عن الاشتراك بقسميه أكثر له وقلَّتهما هذا مع ما في الاحتمال الثّاني أعني الالتزام بالاشتراك الإجمالي هنا من تكلَّف آخر وهو الترجم على الواضع بما لا طائل تحته لأنّ العدول عن الاشتراك إلى الالتزام بعموم الوضع وخصوص الموضوع له إنما يصار إليه في الخصوصيات المتعذّر ضبطها لكثرتها لا الجامع المنحصر في اثنين كما في المقام فإن قلت لعلّ صاحب المعالم يزعم انحصار استعمال العلامة في تكرار اللَّفظ ويقول إن مفادها في غير الأعلام كرجلين أيضا ذلك فلا فرق عنده بين زيدين ورجلين في أنّ مفاد العلامة تكرار لفظ المفرد في الموضعين قلت يرد عليه أولا أنّه خلاف المنساق المتبادر من العلامة لأن المتبادر من رجلين فردان من ماهية الرجل لا تكرار لفظ رجل ولعلّ إنكار ذلك مصادمة للبديهي فلو سلَّم ما زعمه من دلالته على تكرار اللفظ فإنّما نسلَّم ذلك عند لحوقها للأعلام وثانيا أنّ القول به يستلزم القول باستعمال الكلَّي حين لحوق العلامة في الفرد إذ لو أريد به الكلَّي لم يفد تكراره سوى التأكيد لأنّ الكلّ على كلَّيته غير قابل للتعدّد سواء تعدّد لفظه أو اتحد فلا يتصوّر معنى التعاطف بينهما لأنّ الشيء لا يتعطف على نفسه فإذا قيل أكرم رجلا ورجلا كان المراد بالمعطوف عليه الفرد لا محالة بقرينة استحالة عطف الشيء على نفسه ومن الواضح أنّ الالتزام بذلك أقبح شيء في المقام لأنّ المستفاد من مدخول العلامة ليس سوى الطَّبيعة القابلة للتّعدّد والوحدة وهذا غير معقول على تقدير جريان العلامة مجرى العطف اللَّفظي وثالثا أنّه لو صحّ ما ذكر من وضع العلامة بإزاء تكرار مجرّد اللَّفظ بطل ما هو المشهور والمعروف في كتب الأدب وغيرها من أنّها تدلّ على تعدّد مدخوله إذ المراد به هو التعدد المعنوي لا اللَّفظي ورابعا أنّ الاستقراء قاض بفساد ما ذكر لأنّ حال علامة التثنية والجمع ليست إلَّا كحال سائر ما تعتور على أسماء الأجناس ومن الواضح أنّ التنوين واللَّام وسائر الحروف أو ما يجري مجراها كالتشديد والتخفيف تدل على معنى زائد في معنى المدخول واستثناء علامة التثنية والجمع عن ذلك والقول بعدم دلالتها على معنى زائد على ما يلحق بها من الرموز المشار بها إلى اللَّفظ دون المعنى كلفظ اللَّفظ كما ترى فظهر من جميع ذلك أن الاكتفاء بالاتفاق في اللَّفظ في التثنية والجمع ساقط في الرأي المستقيم فلا بدّ فيما ورد من الاستعمالات الموهمة لذلك مثل الشّيخين والشّهيدين والشمسين والقمرين والحسنين والعيدين والفرقدين وما أشبهها من تثنية الأعلام وجمعها من التأويل إلى المسمّى لأنّ هذا التّأويل ثابت في غير موضع اتفاقا وأمّا القول بأنّه من باب التشبيه والاستعارة كما احتمله القمّي رحمه الله فهو مجرّد احتمال في مقابل القول بأنه حقيقة وإبداء احتمال في ردّ ما استدلّ به صاحب المعالم رحمه الله من