والشّرائط يكون مداليلها مجملة فلا بدّ عند الشكّ في شرطية شيء أو جزئيته من التحري والاجتهاد ثم الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول العملية لأنّ الألفاظ حينئذ تجري مجاري الأدلَّة اللَّبية في عدم الإطلاق وأمّا على القول بوضعها للأعمّ فهي كألفاظ المعاملات مداليلها أمور بيّنة من حيث الصّدق العرفي فيرجع إلى إطلاقها عند الشكّ في الشروط أو الأجزاء بعد إحراز صدق الماهية ثم إنّ فوائد البيان والإجمال أي الإطلاق وعدمه لا تحصى منها ما يرجع إلى الحكم التكليفي وهو البراءة والاشتغال فعلى القول بالاحتياط عند الشكّ بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين وجب الاحتياط بإتيان كلّ جزء مشكوك أو شرط يحتمل على مذهب الصّحيحي ويتمسّك بالإطلاق وصدق الماهية في نفي جزئية المشكوك وشرطيّته تكليفا على مذهب الأعمي ومنها ما يرجع إلى الحكم الوضعي فعلى مذهب الصّحيحي لا بدّ أن يبنى على عدم ترتب ذلك الحكم الوضعي من السّببية أو الشّرطية عند فقد الجزء أو الشرط المشكوكين لأنّ الأصل المحكم في الأحكام الوضعية العدم والمفروض عدم نهوض ظاهر اللَّفظ في العدول عن ذلك الأصل وأمّا على مذهب الأعمي فيتمسّك بالإطلاق في نفي الجزء والشرط المشكوكين ويلتزم بثبوت ذلك الحكم الوضعي مع فقدهما اتكالا على ظاهر الإطلاق والصّدق العرفي فلو ورد أنّ الصّلاة مثلا في المسجد بمنزلة القبض في الوقف لزم أن يراعى في الصّلاة المقصود بها القبض في جميع الأجزاء والشّرائط على مذهب الصّحيحي وأمّا على مذهب الأعمي فهو غير لازم لصدق الصّلاة مع العلم بالفساد مع محافظة معظم الأجزاء فضلا عن الشكّ فيه نعم لو ثبت أنّ القبض إنّما يحصل بالصّلاة الصّحيحة وجب حينئذ مراعاة الأجزاء والشرائط المعلومة وأمّا المشكوكة فيتمسّك أيضا بالإطلاق على عدم اعتبارها كما يتمسّك به على عدم اعتبار المشكوك في المطلوب وأنّ الامتثال يتحقق بدونه وفيه نظر للفرق بين التكليف والوضع وعدم الملازمة بين نهوض الإطلاق هناك بنفي اعتبار المشكوك ونهوضه هنا بذلك بل الظَّاهر هنا الحكم بعدم ثبوت ذلك الحكم الوضعي إلا مع مراعاة الأجزاء المشكوكة لأنّ إطلاق اللَّفظ صار مقيّدا بقيد مجمل وهو الصّحيح فيرجع عند الشكّ في حصول سبب الوضع أصالة العدم هذا إذا كان الحكم الوضعي غير مترتب على الحكم التكليفي وإلا كان كلّ من الصّحيحي والأعمي في الحكم يترتب ذلك الأثر الوضعي كالقبض مثلا سواء على القول بجواز جريان أصل البراءة في الماهيات المركبة المجملة لأنّ أصالة البراءة ينفي وجوب الجزء أو الشرط المشكوكين فيحصل البراءة ولو ظاهرا بالباقي فيترتب عليه ذلك الأثر الوضعي وكذا أصالة الإطلاق على مذهب الأعمي فلو ثبت أنّ كلّ صلاة مبرئة للذمّة يحصل بها قبض المسجد حكم بحصوله بالصّلاة الفاقدة للجزء أو الشرط المشكوكين وبالجملة ثمرة القولين هو الإجمال والإطلاق وأمّا ثمرات الإطلاق والإجمال فلا تحصى عند الخبير العارف بحقائق الظنّ هذا وقد أورد على هذه الثمرة تارة بعدم لزوم الإجمال على مذهب الصّحيحي وأخرى بعدم الإطلاق والبيان على مذهب الأعمي أمّا الأوّل فلأنّ الماهيات المخترعة المجعولة كالصّلاة والوضوء والغسل ونحوها مقرونة في الأخبار بالبيانات القولية والفعلية على وجه يرتفع منه الإجمال ويتشخّص به الأجزاء عن الشّرائط والمستحبات عن الواجبات وناهيك عن ذلك صحيحة حماد الواردة في بيان حقيقة الصّلاة وكيفيتها فكلّ جزء تضمّنه الصّحيحة يحكم باعتباره في العبادة وكلّ ما هو خارج عنها يحكم بعدم اعتباره سواء قلنا بوضعها للصّحيحة أو الأعم وكذا الحال في أجزاء الوضوء وشرائطها فإنّ الوضوءات البيانية تتكفّل ببيان أجزائه وشرائطه سواء قيل بوضعه للصّحيح أو الأعمّ وفيه بعد النقض عن اختصاص البيان القولي والفعلي ببعض العبادات فلا يأتي في جميع العبادات فضلا عن غيرها أنّ البيانات الواصلة إلينا باعتبار اشتمالها على الأجزاء المندوبة والسّنن المرغَّب فيها مجملات من حيث عدم تشخيص المستحبّ عن الواجب مضافا إلى أنّ البيان المنفصل غير البيان الثابت لنفس الألفاظ وكون اللَّفظ عن المطلقات العرفية والمدّعى هو إجمال الألفاظ بالمعنى الثّاني إلَّا أن يقال إنه ليس بتلك الثمرة لأنّ البيان المنفصل أيضا يكفي للفقيه في مقام الاستنباط والعمل وفيه أنّه إنّما يكفي في مقام سقوط التكليف وحصول البراءة وأمّا في سائر المقامات فقد لا يجدي شيئا كما في الشبهة المصداقية فإن الأعمي يبني فيها على حصول الماهية ولو كانت فاسدة ويرتّب ما ثبت لها من الأحكام مع قطع النظر عن كونها صحيحة كحصول القبض للمسجد إذا فرض كونه من أحكام مسمّى الصّلاة بخلاف الصّحيحي فإنّ البيان الوارد في الرّوايات غير مجد في هذا المقام فلا بدّ حينئذ من التوقف والرّجوع إلى الأصل لعدم إحراز صدق الماهيّة عند احتمال نقصان بعض الأجزاء أو الشّرائط المعتبرة وهكذا إلى غير ذلك من مواضع ظهور الثمرة بين كون اللَّفظ من المطلقات العرفية على مذهب الأعمي وكونه من المجملات الذّاتية المبيّنة بالبيان الطَّارئ التوقيفي وأمّا ما عن بعض الأعلام من أنّ السّير في الرّوايات الواردة في شرح الأجزاء وشرائط العبادات مضافا إلى ملاحظة عموم ابتلاء المكلَّفين بها مانعان عن الشكّ المستقر في الأجزاء والشّرائط بل لو حصل الشكّ فإنّما هو شكّ بدوي زائل بمجرّد الالتفات إلى عموم البلوى القاضي بأنه لو كان جزءا أو شرطا لوصل إلينا فلا فرق حينئذ بين القولين في وجوب البناء على العدم عند الشكّ ولذا استقر طريقة الجلّ أو الكلّ