responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 133


الَّتي هي من لوازم دار الدّنيا اخترعها الحكيم الحقيقي تلطَّفا بالعباد وترحما عليهم فكما أنّ ألفاظ المعاجين موضوعة لأمور مركَّبة عديدة مقرونة بالشّرائط المقرّرة على القول بكونها أسامي للصّحيحة منها فكذلك ألفاظ العبادات مثلا موضوعة عند الصّحيحي لأفعال عديدة جامعة للشرائط المقرّرة فكما أنّ الحاجة إلى أكل المعجون ليس من الأمور المعتبرة في مداليل ألفاظها كذلك الحاجة إلى فعل العبادات المقتضية لتعلَّق الطَّلب والأمر بها ليس معتبرا في مداليلها وما يقصد من ألفاظها وإنّما الفرق بينهما في شيء وهو أنّ شرائط الأمر بالعبادات لما كانت شروطا لصحّة المأمور بها أيضا كسائر شرائط الوجود فلا جرم يمتنع تحقق مداليلها إذا لم يكن مأمورا بها لعدم الأمر بها إنّما هو لعدم تحقق بعض شروط تأثيرها وخاصيتها بخلاف المعاجين فإنّ شرائط الحاجة إلى شربها وأكلها لما لم تكن شروطا لوجودها وخاصيّتها فلم يتوقف صدق حقائقها على مجيء زمان الحاجة إلى أكلها وأمر الطَّبيب إرشادا بأكلها والحاصل أنّ مراد الصّحيحي أنّ الألفاظ موضوعة لشيء يلزم وجوده موافقة الأمر وترتب الأثر من غير مدخليّة لصفة الموافقة مفهوما أو مصداقا في المسمّى وكذا ترتب الأثر ولا ملازمة بين كون الشّيء لازما للمعنى في الوجود الخارجي وكونه معتبرا شطرا أو شرطا في مفهوم اللَّفظ فموافقة الأمر وترتب الأثر وإن كانا يلازمان المعنى المقصود من لفظ الصّلاة عند وجودها إلا أنّهما غير معتبرين في المعنى شطرا أو شرطا وهذا مع وضوحه يدلّ عليه أمور أحدها أنّ موافقة الأمر لو اعتبرت في مدلول لفظ الصّلاة لزم أن يكون وضع لفظ الصّلاة عند الصّحيحي مثل وضع أسماء الإشارة لاشتمالها على معنى حرفي نصبيّ وهو الطلب أو موافقته كاشتمال أسماء الإشارة على معنى الإشارة وفساده مع وضوحه يظهر من ملاحظة الاستعمالات لفظ الصّلاة في المعنى العام الكلَّي كما في قوله الصّلاة عمود الدّين وقوله الصّلاة خير موضوع وقد سبق في مبحث الأوضاع انحصار هذا النّحو من الوضع في الألفاظ الَّتي لم تستعمل في المعاني الكلَّية أبدا وثانيها أنّ اعتبار الطَّلب في مفهوم الصّلاة مثلا يوجب التزام الصّحيحي باستعمالها في نحو قوله تعالى أقيموا الصّلاة في الفاسدة وأيّ صحيحيّ يلتزم بذلك بل الظَّاهر أنّه ممّا يتناكر عليه الفريقان إذ الأعمّيون مصرّحون بأنّ المراد بها في سياق الأوامر هو الصّحيح ولو بطريق تعدّد الدّال والمدلول كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى فتأمّل وأمّا الملازمة فواضحة لأنّ اعتبار موافقة الأمر المتعلَّق بها في مفهومها يستلزم المحذور المشار إليه أعني توقف الحكم على الموضوع المتوقف عليه وهو دور بيّن فلا بدّ حينئذ من تجريد الصّلاة عن الطَّلب حين تعلَّق الأمر بها والتزام كون المأمور به هي الفاسدة وهذا هو المدّعى فإن قلت لا ضير في الالتزام بفساده بهذا المعنى ضرورة أنّ متعلَّق الأوامر إنّما هو نفس الأفعال المقرونة بالشرائط عدا شرط الطَّلب وهو ممّا يتسالم عليه الفريقان وإنّما المنكر هو كون المأمور به فاسدا باعتبار فقدان بعض الأجزاء والشّرائط قلت أوّلا إنّ الطَّلب أيضا من شرائط الصّحة في العبادات كسائر الشّروط فلا فرق بين الفساد النّاشئ من فقد هذا الشّرط أو سائر الشّروط وثانيا أنّ قضية الكلام المذكور حمل الصّلاة مثلا على معنى ثالث خارج عن معناها اللَّغوي والشّرعي أمّا على مذهب الأعمي فواضح ضرورة كون المعنى الشّرعي عنده هو الأعم لا خصوص الأفعال المجرّدة عن وصف الطَّلب وأمّا الصّحيحي فلأنّ المسمّى بالصّلاة شرعا على مذهبه هي الأفعال المقرونة بالشّرائط والطَّلب فحملها على مجرّد الأفعال مع الشّرائط التزام باشتمالها في سياق الأوامر في غير المعنيين وثالثها أنّ اعتبار قيد الطَّلب في مدلول الألفاظ عبث لا طائل تحته إذ الغرض من ملاحظة شيء في الموضوع له كشف اللَّفظ عنه بالمطابقة أو بالتضمّن أو الالتزام ومعلوم أنّ لفظ الصّلاة بنفسها ولو بعد تصريح الشّارع بملاحظة الطَّلب في مسمّاها لا يدلّ عليه بل الدّال عليه لا بدّ أن يكون شيئا آخر هذا ويمكن الذّبّ عن هذا الوجه والوجه الأول بدعوى أنّ المعتبر في مدلول لفظ الصّلاة مفهوم الطَّلب لا مصداقه كلفظ المطلوب من غير فرق إلا من حيث العموم والخصوص فالصّلاة موضوعة لمطلوب خاصّ أي لمفهوم عمل مقرون بمفهوم الطَّلب كمعنى المطلوب فلا يرد حينئذ كون هذه الألفاظ من المبهمات والحروف في عموم الوضع وخصوص الموضوع له ولا كونها مشتملة على معنى حرفي نسبي كما يظهر بالتأمّل ولا كونها قاصرة في الدّلالة عليه إلا بمئونة الصّيغة لأنّ الموقوف على الصّيغة هو التصديق بحقيقة الطَّلب لا تصوّر مفهومه لأنّه يحصل من نفس اللَّفظ المفرد وأمّا الوجه الثاني فالظَّاهر عدم اندفاعه بذلك لأنّ الأمر بمفهوم مأخوذ فيه الطَّلب يستدعي سبق وجود الطَّلب مثلا إذا قال المولى افعل مطلوبي أو مطلوبا في فهذا القول إنّما يصحّ إذا كان قد سبق منه طلب شيء وإلَّا كان لغوا فحيث لا طلب سابقا كما هو المفروض في الأوامر الابتدائية فلا بدّ عن تجريد اللَّفظ الواقع في حيزها عن قيد الطَّلب وهذا محذور لا يلتزم به أحد الفريقين وفيه نظر يأتي في ردّ من زعم أن لازم مذهب الصّحيحي لزوم التكرار في مثل قوله تعالى أقيموا الصّلاة لكن الدّعوى المذكورة لكمال ركاكتها وسخافتها لا ينبغي المصير إليها إذ الظَّاهر على تقدير اعتبار الطَّلب في مفهوم الصّلاة اعتبار مصداقه وحقيقته الخارجية لأنّها الَّتي يتوقف عليها صحّتها كما لا يخفى وبالجملة لا سترة على أنّ الصّلاة عند الصّحيحي لم توضع لمعنى اعتبر فيه الطَّلب شطرا أو شرطا بل إنّما وضع لمعروض الطَّلب من غير مدخلية له في المسمّى بأحد الوجهين لعدم مساعدة شيء من أدلَّته على ذلك

133

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست