responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 90


الغرض وعدم الحمل على شيء منهما يستلزم تعطيل اللَّفظ وإلحاقه بالمهملات فتعيّن الحمل على الحقيقة أقول يظهر الكلام فيه ممّا مرّ في الأوّل لأن تعطيل اللَّفظ في حال الشّك يحتاج إبطاله إلى دليل والثّالث ما ذكره قدس سره أيضا من أنّ المجاز يتوقّف على وضع ونقل وعلاقة ولا تتوقف الحقيقة إلَّا على الأوّل فتكون أولى وكأنّه أراد أن قلَّة المؤن ممّا يؤثر في إرادة المتكلَّم فيكون ما يحتاج إلى كثرة المؤن أبعد بإرادته وفيه ما لا يخفى مضافا إلى أنّ الثّابت بهذا الدّليل ليس إلا الرّجحان وقد عرفت أنّ الخطب في إقامة الدّليل على اعتباره والرّابع قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلَّا بلسان قومه استدلّ به غير واحد من أفاضل المتأخرين ولم يبيّنوا وجه الدلالة مع أنّها بمكان من الخفاء والسّقوط مضافا إلى قصوره عن إفادة تمام المدّعى وهو متابعة أصل الحقيقة مطلقا حتى في المحاورات والإقرارات والدّعاوى ونحوها والخامس الإجماع القطعي وفيه أنّه غير نافع في المقام لأنّ متابعة أصالة الحقيقة ليست لأجل تعبّد شرعي دعانا إليه واحتمال ذلك من شرائط الاحتجاج بالإجماع إذ لا مسرح له في غير الشرعيات ومنه يظهر ضعف التّمسّك بالإجماع على العمل بظواهر الكتاب والسّنة مضافا إلى أنّ هذا الإجماع لا ينهض باعتبار أصالة الحقيقة مطلقا وإلى خروج ظواهرهما عمّا نحن فيه من العمل بالحقيقة في المخاطبات الشّفاهية والسّادس أن فائدة وضع الألفاظ في غير المشتركات تأدية المراد بسهولة وهذه الفائدة إنما يترتب عليه بجعل الواضع نفس الألفاظ كافية في بيان المقاصد من غير حاجة إلى ضمّ شيء من القرائن إذ لو توقف الفهم عليها فات غرض التّسهيل ولأنّه تطويل بلا طائل هذه خلاصة ما حقّقه بعض المحققين ثم تأمّل في أنّ وجوب حمل اللَّفظ على معناه الحقيقي هل هو من وضع الواضع بوضع مغاير لوضع الألفاظ كسائر الأوضاع العامة أو متفرع على وضع الألفاظ أقول يرد عليه أنّ كون فائدة الوضع حمل اللَّفظ على معناه الموضوع له وكونه متلقى من الواضع بوضع مغاير أو غير مغاير لا ينفع عند الشكّ في إرادة المتكلَّم خلاف الموضوع له فإنّ هذا على تقدير احتفافه بغرض صحيح غير معيب عليه وعلى فرض عدم الاحتفاف يكون مقبحا عليه لكن الوجه الَّذي نذكره لا لأجل مخالفته لجعل الواضع ومقرّراته لأنّ متابعة الواضع ليس ممّا يقضي بها العقل من دون دليل ولو سلَّم فالَّذي يترتب على الفائدة المذكورة وجوب الاقتصار في تفهيم الموضوع له على مجرّد اللَّفظ لا عدم جواز الاستعمال في خلافه بغير قرينة فإنّه لا بدّ في ذلك من التماس دليل آخر نشير إليه والحاصل أنّ كون الغرض الدّاعي إلى وضع الألفاظ تفهيم المعاني بنفس الألفاظ وحيالها مسلَّم وكون الحمل على الموضوع له من مجعولات الواضع أيضا كذلك ولكنّهما لا ينهضان بمنع جواز الاستعمال في خلاف الموضوع له فلو اكتفي في ذلك لوضوح الحال فالمقدّمة المذكورة أيضا مستدركة بعد عدم ارتباطها بالمقصود والتحقيق أن يقال إنّ المتكلَّم إذا أتى باللَّفظ مجرّدا عن القرينة بأن يكون تجرّده عنها معلوما للسّامع كما هو مصب ما استدل به العلَّامة من الوجوه المذكورة فإمّا أن يعلم بإرادة المعنى الحقيقي أو يشكّ والأوّل خارج عن مفروض البحث وهو الغالب في الخطابات الشفاهيّة كما مرّ وأمّا الثاني فالشك في إرادة المعنى الحقيقي تارة ينشأ من احتمال كون الكلام غير مسوق للإفادة كما إذا احتمل كون صدور الكلام منه سهوا أو غفلة أو هزلا أو عن شيء آخر غير الإفادة وأخرى من احتمال إرادة المجاز مع عدم نصب القرينة فإن كان الأوّل فلا مسرح لأصل الحقيقة فيه لأنّ مجراه في اللَّفظ بعد إحراز كونه في مقام تفهيم المعنى إمّا الحقيقي أو المجازي لا مع الشكّ في أصل كونه للتفهيم نعم هنا أصول عقلائية أخرى لا شبهة في التعويل عليها كأصالة عدم السّهو أو الغفلة أو أصالة كون الكلام في مقام التفهيم عند إحراز قابليّة المقام فإنّ هذا الأصل أيضا ممّا يعتدّ به العقلاء وعليه بناؤهم ومنشأ الظَّهور النّاشئ من الغلبة ولذا لا يسمع اعتذار من يؤخذ بظاهر كلامه المجرّد عن القرينة بأحد الأمور المذكورة وإن كان الثّاني فإن كان منشأ الشكّ احتمال تعمّده إلى ترك القرينة مع إرادة تفهيم المعنى المجازي فهو يندفع باستلزامه نقض الغرض لأنّ اللَّفظ المجرّد لا دلالة له على المجاز قطعا فترك نصب القرينة عمدا نقض للغرض وهو مع قبحه مستحيل عقلا لأنّ الغرض الدّاعي مع عدم المانع علَّة لإيجاد الفعل فمع فرض وجوده مستحيل تخلَّفه عن الفعل الَّذي هو في المقام نصب القرينة فيستكشف من القبح والاستحالة المزبورين إرادته تفهيم المعنى الحقيقي لأنّ العلاقة الوضعية بين اللَّفظ والمعنى تكفي في تفهيمه بمجرّد اللَّفظ وما سمعت عن بعض المحققين في الاستدلال على اتباع أصالة الحقيقة من كون اللَّفظ مستقلَّا في إفادة المعنى الحقيقي له مساس بهذه الصورة في الجملة لا بما عداها من الصّور وإن كان منشؤه احتمال غفلة عن نصب القرينة مع إرادته حين صدور اللَّفظ فهذا يدفع بالأصل المشار إليه أعني أصالة عدم الغفلة وبأصالة عدم المانع لأنّ الغفلة مع وجود المقتضي تجري مجرى المانع فيدفع بالأصل ثمّ إنّ بناء العقلاء على العمل بهذه الأصول ليس متوقفا على إفادتها الظَّن الفعلي ولذا لو تقاعد العبد المأمور بشراء اللَّحم مثلا عن الامتثال معتذرا بعدم مظنّته من الخطاب كون المطلوب هو شراء اللَّحم حقيقة لم يسمع عذره وصحّ ذمّه وعقابه وملامته لكن قد يتأمّل في أصل بنائهم على العمل بهذه الأصول في الخطاب الشفاهي لما عرفت من حصول العلم العادي فيه غالبا كما يشهد به وجدان من يلاحظ مكالماته في ليله ونهاره نعم لو التفت إلى قابليّة المقام لإرادة المجاز فالحاصل له ليس إلَّا الظَّن إلَّا أنّ الالتفات إليه أمر فرضيّ وعلى أيّ حال فلا ريب أنّ الكلام بعد العلم بكونه مسوقا للإفادة وأنّه ليس سهويّا ونحوه يحصل منه العلم بالمراد خصوصا بعد التّأمل

90

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست