responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 9


في المقام إذا تحقق ذلك فنقول إنّ القول بالكلام النّفسي على تقدير صحّته وإن كان يندفع به اتحاد الدّليل والمدلول لكنه ارتكاب لمحذور آخر أشار إليه المحقّق القمي رحمه الله من خروج الكتاب حينئذ عن كونه دليلا مصطلحا وهو الَّذي يتوصل به إلى مطلوب خبري نظرا إلى عدم كون الألفاظ برهانا على مضامينها بل موجبا للانتقال إليها انتقالا تصوّريا وتوضيح المقام أنّ السّامع العارف بأوضاع اللغة إذا سمع من المتكلم كلاما فله انتقالات ثلاثة أحدها الانتقال إلى مداليلها اللَّغوية فينتقل من قوله زيد قائم إلى زيد وقيام وثبوته له انتقالا تصوّريا وثانيها الالتفات إلى إرادة المتكلَّم بمدلول اللَّفظ من دون الإذعان بها نفيا وإثباتا وهو أيضا انتقال تصوّري وثالثها العلم بتلك الإرادة والإذعان بها ومن الواضح عدم اتّصاف اللَّفظ بالدليلية المصطلحة بالنّسبة إلى الانتقالين الأوّلين كوضوح اتصافه به بالنّسبة إلى الأخير لكن دلالته عليه ليست ناشئة من العلاقة الحاصلة من الوضع بل من ملازمة عادية ظنية إذ لو لا جريان العادة وبناء أهل العرف على إرادة المعاني عند التكلَّم بالألفاظ الموضوعة لما حصل العلم بها للعالم بأوضاع الألفاظ ولذا لو كثر الكذب أو التجوّز بلا قرينة أو التورية في كلام شخص لما حصل العلم والظنّ بإرادته معنى اللَّفظ حين تكلَّمه ومع ذلك فهو أمر خارج عن مدلول اللَّفظ لأنّ اللَّفظ موضوع لنفس المعنى لا لإرادة المتكلَّم له نعم هي الغرض الملحوظ في وضع الألفاظ ومن هنا علم أن معنى تبعيّة الدّلالة الوضعية للإرادة ليس اعتبارها في نفس الموضوع له كما قد يزعمه بعض القصار ( قاصرين ) وسيجيء إن شاء تحقيق ذلك في محلَّه فظهر ممّا ذكرنا أنّ اللَّفظ من حيث هو ولو مع العلم بالوضع وملاحظة العلاقة الوضعية ليس بموصل تصديقي إلى شيء ومع ملاحظة بعض الأمور الخارجيّة كجريان العادة فهو موصل ودليل مصطلح على شيء آخر غير مدلوله الخارجي أو الذهني القائم بالنّفس عند الأشعري وإنّما هو بالنّسبة إلى المدلول مطلقا موصل تصوريّ وهذا المحذور أشدّ من اتّحاد الدّليل والمدلول لعدم معقولية استناد مسائل العلم إلى ما يوجب مجرّد التصوّر والكشف التصوّري كما ذكره القمي رحمه الله هذا وقد أجيب عن هذا المحذور أيضا بوجهين الأوّل ما أشار إليه بعض المحققين وحاصله أنّ اللَّفظ ليس دليلا مصطلحا على الكلام النّفسيّ لو فسّر بأنّه مدلول الكلام اللَّفظي وأمّا لو فسّر بالمعنى القائم بالذّات الأزليّة كما هو الأظهر حيث يزعمون أنّه من الصّفات فاللَّفظ دليل عليه لأنّه كما يدلّ على مدلوله الخارجي كذلك يدل على انطباقه لما في نفس المتكلَّم وفيه أوّلا أنّ الكلام النّفسي ليس له إلَّا تفسير واحد وهو المعنى الثالث الَّذي يزعمون أنه غير العلم والإرادة كما لا يخفى على من لاحظ كلمات العارفين بالنّزاع المعروف وتفسير جماعة له بالمعنى القديم ليس في قبال تفسيره بمدلول الكلام اللفظي بل في تطبيقه على كلام اللَّه والحاصل أنّ ذلك المعنى الثالث في كلام البشر عبارة عن النّسبة بين المفردين القائمة بذهن المتكلَّم وفي كلام الله عن المعنى القائم بالذّات الأزلية فليس تفسيره به قسيما لتفسيره بالمدلول بل قسما له والَّذي يفصح عن ذلك عموم نزاعهم لمطلق الكلام إذ لا يعقل العموم مع كون المتنازع فيه من خواصّ كلام الباري وثانيا أنّ غاية ما يلزم من صحّة هذا الكلام كون خصوص كلام اللَّه دليلا على الكلام النّفسي لا السّنة فضلا عن مطلق الكلام وهذا عين المدّعى لأنّ قصر الحكم على الخاص دليل على عدم ثبوته العام وثالثا أنّ ما ذكره في تقرير المدعى لو تمّ لتم على تقدير تفسيره بمدلول الكلام اللفظي أيضا فيقال إنّ اللَّفظ كما يدلّ على مدلوله اللَّغوي كذلك يدلّ على انطباق ذلك المدلول لما في نفس المتكلَّم فزيد قائم مثلا يدل دلالة تصورية على مدلوله اللَّغوي أعني ثبوت القيام لزيد ويدلّ أيضا دلالة تصديقية على مطابقة هذا المدلول لما في نفس المتكلَّم وحاصله أنّ الصّورة الحاصلة في ذهن المتكلم ليست هي النّسبة السلبيّة أو ثبوت القيام لغير زيد مثلا بل هي النّسبة الثبوتية المدلول عليها بقوله زيد قائم فيلزم استدراك ما زعمه من البناء ولغوية توسيط ما مهّده من المقدّمة ورابعا أنّ دلالة اللَّفظ على انطباق مدلوله الخارجي لما في نفس المتكلَّم عبارة أخرى عن دلالته على إرادة المتكلم لمدلول اللَّفظ وقد عرفت أنّ هذا ليس دلالة على نفس المدلول بل على شيء آخر ومع ذلك فمنشؤها أمر خارج عن حاق اللَّفظ كما عرفت الثّاني ما ذكره بعض الأجلَّة اقتباسا من الجواب المزبور وحاصل ما ذكره من التّرديد والاستفصال في فهم غرض المورد أنّ الألفاظ لم تعتبر أدلة على المعاني النّفسية من حيث اقتضائها تصوّرها بل من حيث التّصديق بثبوتها عند المتكلَّم وإرادته لها وأنت إذا تأمّلت فيما ذكرنا خصوصا الإيراد الرابع على الجواب الأوّل تعرف ما فيه من وجوه الفساد ثم إنّ ما ذكره المحقّق القمّي رحمه الله في حلّ الإشكال إن أراد به رفع الإشكال الأوّل أعني اتحاد الدّليل والمدلول فجيد من غير الالتزام بالكلام النّفسي فتأمل وإن أراد به رفع الإشكال الثّاني أعني عدم كون الألفاظ مثبتة للدعوى بل كاشفة عن المدّعى فغير واضح لأنّ تفضيل الشيء ليس دليلا عليه بمعنى الحجّة بل بمعنى المعرّف كما لا يخفى بقي شيء وهو أنّ الإشكال الأخير لا يبتني على تفسير الأحكام بالخطابات على القول بالكلام النّفسي إذ لو فسّرت بالأحكام الخمسة أو بالنسب الخبريّة فالإشكال أيضا بحاله لأنّ الحكم الشرعي كائنا ما كان عبارة عن مداليل الأدلَّة الشّرعية الَّتي منها الكتاب والسنة فيلزم الإشكال فيها بل في الإجماع على طريقته الخاصّة أيضا وحلَّه أن عدم كون الألفاظ مثبتة للدّعوى بل كاشفة عنها لا ينافي كون الكتاب

9

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست