responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 349


وأخرى على وجه الإجمال والَّذي يمتنع حين الغفلة والذّهول هو الأوّل وما ادّعيناه ثبوته في المقدّمة حال الغفلة وعدم الشعور وتشهد له ضرورة الواجدان هو الثاني وذلك لأنّ حصول الفعل المأمور به لما لا يكون إلا بتقديم ما يتوقف عليه وجوده أولا ثم بإيجاد ذلك الفعل ثانيا فلا جرم تكون إرادة حصوله إرادة لذلك التقديم ولذلك الفعل وتكون تلك الإرادة بالقياس إلى ذلك الفعل أصلية تفصيلية وبالقياس إلى ما يتوقف عليه وجوده تبعيّة إجمالية ألا ترى أن إرادة الكلّ إرادة للأجزاء ولو لم يكن الآمر شاعرا بها وإنّما تتعلَّق بها ولو كان غافلا عنها بل إنّما تنحل إلى إرادة عديدة بعدها وثانيا أن الغرض الأصلي من هذا البحث هو معرفة حال مقدمات الواجبات الشرعية والغفلة غير متصوّرة عن مقدّماتها فبحكم الوجدان ينبغي البناء على وجوبها فإن قلت إنّ الإيجاب هو الإنشاء النفساني القائم بنفس الأمر والإرادة ولو كانت تفصيلية ليست من الإنشاء قلت يرجع البحث حينئذ إلى أن الطَّلب هل هو عين الإرادة أو غيرها ونحن أجرينا الكلام على مذاقنا ومذاق القائلين بالاتحاد وقد سلك هذا المسلك المحقق السّبزواري قدّس سره في إثبات وجوب المقدّمة وأجاب عنه المحقق الخوانساري رحمه الله وبعض من وافقه عن المحققين بأن الإرادة غير الطَّلب المبحوث عنه فكلّ على شاكلته فإن قلت سلَّمنا أن الطَّلب عين الإرادة لكن الإرادة الإجمالية الثانية الثابتة في نفس الأمر المنكشفة بعد السّؤال والالتفات حسبما ذكرت في إثباتها ليس من الوجوب المصطلح كما لا يخفى قلت إن أردت أن الاصطلاح لا يساعده على تسميتها وجوبا فلا نتحاشى منه وما علينا التعرض لصحّته وسقمه وإن أردت أن الثواب والعقاب أو غيرهما من آثار الوجوب لا يترتب عليها فممنوع جدّا ألا ترى أنّ العبد لو رأى ولد المولى في المهلكة وكان قادرا على إنقاذه ولم ينقذه معتذرا بأن المولى لم يأمرني بذلك ولا هو عالم به ولا ملتفت إليه فلا ضرورة لي على الإقدام بإنقاذه ذمّه العقلاء واستحق عقاب المولى بعد الاطَّلاع وقد تحقّق في باب إثبات حجية العقل أن المصلحة اللَّازمة الَّتي يدركها العقل تكفي في إثبات الوجوب والذّم واللَّوم واستحقاق عقوبة الشارع ولو لم يرد فيه نصّ منه ولا أمر ولا خطاب نعم هذه شبهة الأخباريين ومن يقرب من مشربهم مشربه من الأصوليين فزعموا أن الثواب والعقاب والمدح والذم منوطة بأمر الشارع ولا يكفي العلم بكون الفعل مرضيا عنده تعالى أمّا معاشر الأصوليين فلا إشكال عندهم أن الإرادة الإجمالية والإرادة التفصيليّة المتعلَّقة بالمصلحة اللَّازمة على حدّ سواء نعم قد يقال في ردّ هذا الدّليل أي دعوى ضرورة الوجدان كون طالب الشيء طالبا لما يتوقف عليه مسلم لكن بالطَّلب الإرشادي وهو ليس بمحلّ النزاع ولعلَّهم نظروا إليه فادعوا البداهة تارة والضّرورة أخرى فإن زعم مدّعي الضّرورة والواجدان أن هاهنا طلبان طلب إرشادي وطلب آخر غير إرشادي وهو المتنازع فيه فهو مكابرة وإن ادعى ثبوت الطَّلب للمقدّمة في الجملة غير صفة اللَّابدّية فهو مسلَّم لكنّه زعم من المدّعي وظنّي وإن كان الظنّ لا يغني من الحق شيئا أن الطلب الإرشادي عندهم ليس من الإنشاء بل من الإخبار فزعموا أن الطَّلب الموجود هنا طلب شرعي حيث وجدوه بالحس والعيان لكن الإنصاف بعد التأمّل أن المقدّمة لما كانت مشتملة على مصلحتين مصلحة راجعة إلى المأمور وهو رفع ضرر المعصية ومصلحة راجعة إلى الآمر لتوقف المأمور به عليه وكونها موصلة إلى مطلوبه فيتعلَّق بها من حيث كلّ مصلحة طلب فمن حيث إنّها مصلحة للمأمور يتعلَّق بها طلب الإرشادي الحتمي ومن أنّها مصلحة للأمر أيضا لكونها موصلة إلى مراده يتعلَّق به الطَّلب المولوي الآمري فافهم وتدبّر فإنّه من مزال الأقدام ومطارح الأفهام الثّاني إجماع العلماء واتفاقهم على وجوب المقدّمة إذ قد عرفت أنّ القول بعدم الوجوب مطلقا وإن كان فهو شاذ نادر لا يلتفت إليه وأجيب عنه بأن المسألة عقلية والإجماع في المسائل العقلية ليس بحجة أقول إن كان الاستدلال بإجماع العلماء هنا على أن يكون اتفاقهم دليلا على المدّعى من حيث كونه إجماعا عمليّا فالجواب المذكور في محلَّه لأن شرط حجّية الإجماع بجميع طرقها أن يكون في المسائل الشرعية التعبدية كما تقرر في بابه ففي المسائل العقلية لا مسرح للتمسّك به أبدا وإن كان بناء على أن اتفاق العقلاء على أمر عقلي يكشف عن كونه حقا لامتناع اتفاقهم على أمر باطل عادة ولذا حكموا بحدوث العالم الزماني باتفاق الأنبياء وجميع الأديان عليه مع كونه من المسائل العقلية المتحيّر فيها العقول الَّتي ضلَّت فيها كثير من الفحول فله وجه وجيه إلَّا أنه على إطلاقه غير مسلم لأن اتفاق العقلاء كالاستقراء قد يفيد العلم للناظر في المسألة وقد لا يفيد بل لا يورث الوهم أيضا فضلا عن العلم أو الظَّن فتختلف المقامات باختلاف المجمعين قلَّة وكثرة واختلاف المسألة وضوحا وخفاء وكونها من البرهانيات أو من الوجدانيات فلو فرض انحصار العقلاء المتعرضين للمسألة في ثلاثة أو عشرة أو أقلّ أو أزيد فليس اتفاقهم سببا للعلم في حق النحرير الماهر الناظر في المسألة فكم من المسائل الاتفاقية انقلبت خلافه وناهيك عن

349

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست