responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 33


عن مدلول الدّليل بحث عن الدّليل لا يقال فمسائل الفقه حينئذ تندرج في هذا العلم لأنّه يبحث عن مداليل الأدلَّة من الأحكام لأنّا نقول إنّ الفقه يبحث عن مداليل الأدلَّة التّفصيلية والمبادئ الأحكاميّة عن أحوال مداليلها الإجمالية وموضوع الفنّ هي الأدلَّة الإجماليّة لكن يرد حينئذ أن تسميتها بالمبادئ صريحة في خروجها عن المقاصد ويمكن جوابه بملاحظة ما قدّمنا في تعريف الفقه من أنّها مبادئ للفقه والاستنباط حقيقة لا للمسائل الأصولية وأنّ تسميتها بالمبادئ وتسمية مسائل العلم بالمقاصد مبنيّة على ملاحظة آكدية افتقار الفقه إلى مسائل هذا العلم فصارت بالقياس إلى ما عداها مما يتوقف عليه الاستنباط بمنزلة المقصود الأصلي وممّا ذكرنا يظهر أن المبادئ اللَّغوية أيضا داخلة في المقاصد لأنّها عوارض لألفاظ الكتاب والسّنة والبحث عن أجزاء الموضوع ولو كانت أعمّ لا بدّ منه في العلم إذا لم يكن علم آخر متكفلا لذلك البحث ونحن وإن ادّعينا في ما تقدّم عدم بحث العلوم عمّا يلحق موضوعاتها بواسطة الجزء الأعمّ لكنّه كان بملاحظة الغالب ويؤيّد ما قلنا أو يدلّ عليه صدق تعريف العلم على المبادئ أيضا لأنّها قواعد ممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعية فظهر أن مسائل العلم ما يبحث عن عوارض الأدلة ولا بدّ أن تكون بعد الفراغ عن كونها أدلَّة كما صرّح به المحقق القمي رحمه الله في حاشية القوانين فالبحث عن دليليّة الدّليل نفيا وإثباتا داخل في المبادئ التّصديقية الثبوتيّة أو السّلبية لأنّ المراد بالعوارض الذاتيّة على ما عرفت كلّ خارج محمول ولا ريب أنّ الوصف العنواني في الموضوعات كإنسانية الإنسان وكاتبية الكاتب ودليليّة الدّليل بحث عن المحمول الداخلي فالبحث عن دليليّة الشيء في الحقيقة يرجع إلى تشخيص مصاديق الموضوع ومن الأفاضل من زعم أنّ البحث عن دليلية الشّيء أيضا داخل في مسائل العلم بجعل الموضوع عبارة عن ذات الأدلَّة لا المعنون بالدّليلية وربما يستظهر له بصدق تعريف العلم على قولنا الكتاب حجّة وهو فاسد لأنّ ذات الشيء بدون تعنونه بعنوان لا يعقل البحث عنه وجعله موضوعا وهذا الحسبان إنّما يتجه لو جعل موضوع العلم الكتاب والسّنة والإجماع والعقل وبالجملة أمورا معيّنة أربعة أو خمسة فإنّه يستقيم حينئذ جعل الموضوع ذوات هذه الأشياء المعنونة بعناوينها الخاصّة غير جهة كونها أدلَّة وهو بديهيّ البطلان لأنّ الموضوع إنّما هو الدّليل على الحكم الشرعي مع قطع النّظر عن انحصاره في شيء وإن كان في الواقع بحسب الاستقراء والتعارف منحصرا وإلَّا لم يستقم عدّ البحث عن حجية مثل الشّهرة من حيث كونها من الظَّنون الخاصّة من مسائل العلم ودعوى رجوعها إلى الدّليل الدّال على حجيتها من الأخبار مثلا واضحة الفساد وإلَّا رجع الإجماع إلى الكتاب أو العقل على طريق العامّة والكتاب إلى العقل وهكذا وأمّا صدق التعريف فهو مسلَّم ولكنه من عيوب التعريف كما نبهنا على نحوه فيما تقدّم ولا دلالة أيضا في تخصيص القوم الموضوع بالأربعة المعهودة على المدّعى فإنّ ذلك مبني على انحصار الدّليل في تلك الأربعة بحسب ما رأوه من عدم حجية شيء آخر فلو تجدّد البحث عن كون شيء آخر دليلا ثمّ عن عوارضه الذاتية بعد الفراغ عن دليليّته فهل ترى أحدا يزعم خروجه عن حقيقة العلم نعم ما يبحث عن حجيته بعد الفراغ عن دليليّته أي كونه طريقا ظنيّا أو علميّا إلى الحكم الشرعي كالأمارات والأدلَّة العقليّة فهو داخل في مسائل العلم لأنّ الحجية المبحوث عنها حينئذ ممّا يعرض للطَّريق إلى الحكم الشرعي لذاته ومن هنا أمكن الجمع بين مقالته ومقالة المحقّق القمّي رحمه الله بحمل كلام المحقّق على ما إذا بحث عن كون شيء طريقا إلى الحكم فإنّ هذا البحث حينئذ داخل في المبادئ التّصديقية وحمل كلامه على البحث عن حجية الطَّريق الشرعي فمراده بالذّات الَّتي جعلها موضوع العلم هي ذات الحجّة أعني الطَّريق لا ذات الطَّريق على أن يكون الطَّريقية من عوارض الموضوع لكن هذا التوجيه لا يستقيم في كثير من المسائل المبحوث فيها عن حجية الشيء لكونه مقيدا للظنّ كالاستصحاب فإنّ البحث عن حجيته عبارة عن البحث عن طريقيّته وكونه مفيدا للظنّ كما صرّح به العضدي حيث جعل النزاع بين القوم في حجية الاستصحاب نزاعا صغرويّا وأنه في إفادته الظَّنّ وعدم إفادته فافهم والله الهادي إلى الصواب في المبدإ والمآب الأمر الثالث من الأمور المشتملة عليها المقدّمة في بيان فائدة العلم ورتبته وحكمه وأمّا فائدته فأظهر من أن تبيّن كيف وثمرة إتقان هذا العلم وإحسانه وتحصيل ملكته ممّا يستقل بها العقل والنّقل من وجوه منها أن العلم بالأشياء في نفسه صفة كمال بالأدلَّة الأربعة ومنها أن الاستغناء وعدم الاحتياج ممّا يستقل بمحبوبيّة العقل القاطع وهذا العلم سبب للعروج عن حضيض التّقليد والسّؤال إلى أوج الاجتهاد والغناء ومنها أن معرفته مع مراعاة الشرائط المقررة سبب للتحلَّي بحلية الرئاسة الحقة الإلهيّة الَّتي خصّ الله تعالى بها أحبّاءه وأصفياءه والرئاسة ممّا يبذل في تحصيلها النفس والمال العزيزين ومنها أنّ في تحصيلها تأهّلا واستعدادا لمعرفة طرق النفع والضّرر الأخرويّين ودفع المضار سيّما مثل مضار الآخرة وجلب المنافع خصوصا المنافع الجاويديّة ليس في نظر العقل شيء أهمّ منه وأحب بل هما مركوزان في جبلة الحيوانات أيضا ومنها أن في معرفتها استعداد الإفاضة والإفادة وعدم تنهير السائل المأمور به في التنزيل مع القدرة وهو بمكان من المطلوبية في الطَّباع العلية ومنها مثوبات الله الموعود بها لتحصيل العلوم الدّينية في الأثر وممّا ذكرنا ظهر تقدّم هذا العلم على جميع العلوم شرفا حتّى علم الكلام عدا الفقه وعليه رتبته لأن الفوائد المشار إليها لا يترتب جلها على معرفة علم الكلام غير أن فيها تحفظ النّفس والتمكن من إزالة بعض الشبهات في الدين الَّذي يتيسّر الماهر في هذا الفنّ أيضا وأمّا بقية العلوم فإنّها لا ينفع حصولها ولا يضرّ عدمها كما صرّح به في النبوي في العلم بالأنساب نعم هو مؤخر

33

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست