responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 295


القول بالوجوب وبالجملة إن كان بناء العقلاء أو العلماء على عدم الالتفات إلى مشكوك القرينية والأخذ بظاهر الحقيقة مطلقا سواء كان ذلك الأمر المشكوك قرينية متصلا بالكلام أو منفصلا عنه كان الأصل مع القول بالوجوب وإن كان بناؤهم على ذلك في خصوص القرائن المنفصلة كما هو الظَّاهر فلا أصل في البيّن المقام الثّاني في أنه بعد البناء على تبادر ما عدا الوجوب كالإباحة مثلا فهل الأصل فيه أن يكون ذلك بحسب الوضع أو القرينة قد يقال إن مقتضاه الأوّل لأنّ مرجع الشكّ إلى كون التبادر والظَّهور وضعيّا أم إطلاقيّا ومن المسلم أن مقتضى الأصل هو الأوّل نظرا إلى أنّ كونه إطلاقيا فرع استناده إلى القرينة والمقتضي في محلّ الشكّ عدمها فإن قلت ليس الشكّ في المقام في وجود القرينة بل إنما هو في قرينية الشيء الموجود الَّذي هو الوقوع عقيب الحظر وأصل العدم بناء على اعتباره إنّما يجدي فيما لو كان من قبيل الأوّل دون الثاني لمكان المعارضة بالمثل فيه قلت إنّ هذا الكلام وإن وقع على ألسنة كثير من الأصوليين حيث فرقوا بين ما لو شكّ في وجود مضاف إليه العدم وبين ما لو كان الشكّ في صفته فأخذوا بمقتضى أصالة العدم في الأوّل دون الثّاني بديعة اختلفوا في وجوب مقدمة الواجب وأن وجوب الشيء هل يقتضي إيجاب ما لا يتمّ إلَّا به أم لا وتحقيق الكلام يستدعي تقدّم أمور الأوّل في أنّ هذه المسألة هل هي فقهية أم أصولية وعلى الأخير هل هي من المبادي أو من المسائل وعليه هل هي لفظية أو عقلية اعلم أن القوم ذكروا لتميز العلوم بعضها عن البعض أن مسائل كلّ علم ما يبحث عن عوارض موضوعه الذاتية ومقتضى هذا الميزان في بادي النظر أن تكون مسألتنا هذه من مسائل الفقه لوضوح كون المقدمة فعلا للمكلَّف وموضوع علم الفقه على ما تقرر في تعريفه هو أفعال المكلَّفين فالبحث عن وجوبها كالبحث عن وجوب سائر أفعال المكلفين لا يليق إلَّا بالفقه فما بال القوم لم يذكروها في الفقه واتفقوا على تدوينها في الأصول ولم أقف على وجه في ذلك إلا ما لا يروي القليل ولا يشف العليل وهو وجوه الأوّل ما ذكره شيخنا العلَّامة طاب ثراه في الاستصحاب وهو أن كلّ مسألة يكون المقلَّد والمجتهد في الانتفاع بها سواء فهي من مسائل الفقه وكلّ ما يكون الانتفاع به وظيفة المجتهد خاصة فهو من مسائل الأصول وهذه المسألة لما امتنع انتفاع المقلَّد بها إمّا من جهة تعذّر معرفته المقدمة أو عدم تمكَّنه من معرفة الواجب تعين أن تكون من مسائل الأصول وقد أوردنا في باب الاستصحاب ما يرد على هذا الوجه مستوفي وإجمال الكلام هنا أن كون هذا ميزانا بين الفقه والأصول لا بيّن ولا مبيّن وإن سلَّمنا ذلك فعدم انتفاع المقلَّد من هذه المسألة مطلقا واضح المنع لأن المقدمات العقليّة للواجبات الضّرورية المعلومة لا تفاوت فيها بين المجتهد والمقلَّد فلا وجه لدعوى عدم انتفاع المقلَّد من هذه المسألة رأسا وقصوى ما هنا كون انتفاع المجتهد منها أكثر وأتمّ لكونه قادرا على معرفة الواجبات ومقدّماتها بأسرها فلئن صحّ هذا الميزان لاقتضى التفصيل في المقام بين المقدّمات والواجبات وإخراج بعضها عن الفقه لا كلَّها مع أن معرفة الصّلاة وغيرها من الموضوعات المستنبطة مختصّة بالمجتهد ولم يقل بأنّ قولنا الصّلاة واجبة مثلا من مسائل الأصول الثّاني ما يستفاد من كلامه أيضا في الاستصحاب وحاصله أنّ مسائل كلّ علم ما صدق عليها تعريف ذلك العلم ومسألة مقدّمة الواجب لما صدق عليها تعريف علم الأصول فإنّ العلم بها علم بالقاعدة الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة اتجه كونها من مسائل الأصول وفيه أنا نمنع كونها من القواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة كما ستعرف إن شاء الله وإن سلَّمنا فلا نقول بكفاية مجرّد صدق التعريف فإن التعريف لو لم ينطبق على الميزان الَّذي جعلوه ميزانا لمسائل العلوم كان ذلك دليلا على فساد ذلك التعريف لا على فساد الميزان المذكور كما لا يخفى الثّالث ما يظهر من بعض عبائر الفاضل الجواد في شرح الزّبدة وهو أنّ البحث عن وجوب المقدّمة بحث عن مدلول الدليل والبحث عن مدلول الدّليل بحث عن الدليل الَّذي هو موضوع علم الأصول فتعيّن تدوينها في الأصول وفيه أنّ مدلول الدّليل ليس من عوارض الدّليل حتى يكون البحث عنه بحثا عن الدليل لأنّ مدلول الدّليل مقدّم على الدّليل بل هو قديم والدليل حادث فكيف يكون البحث عن المدلول بحثا عن عوارض الدّليل نعم لو لوحظ حيثية كونه مدلولا اتّجه كونه من عوارض الدّليل كما قد يشعر إليه بعض كلماته لأنّ مرجعه حينئذ إلى البحث عن دلالة الدّليل وهي من عوارضه ولكنّه فاسد أيضا فإنّهم إنّما يبحثون عن وجوب المقدّمة لا من هذه الحيثية بل ولو لم يرد دليل في الشريعة فإن البحث هنا إنّما هو عن الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّماته ولو كان وجوبه ثابتا بالإجماع والعقل الرّابع ما قيل من أنّ هذه المسألة وإن كانت في نفسها من مسائل الفقه إلا أنّ غرض الأصولي لما تعلَّق بالبحث عنها لاستنباط بعض الأحكام فينبغي تدوينها في الأصول المعدّ للبحث عن أحوال مدارك الأحكام وعوارضها ولا يذهب عليك أنّه لا يئول إلى ما ذكره صاحب الفصول من أنّ تمايز العلوم المشتركة في الموضوع بتمايز حيثيّات البحث

295

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست