responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 287


الإتيان بأحد المحتملين يرتفع العلم بالتكليف ولا يبقى العلم به فكيف يمكن القول فيه بوجوب الاحتياط مع عدم وصول البيان من الشّارع وعدم العلم بالتكليف بعد إتيان أحدهما فالحاصل أنّه بعد العلم بالتكليف تفصيلا أو إجمالا يجب بحكم العقل تفريغ الذمّة سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية إلا إذا انحل ذلك التكليف إلى الأقلّ والأكثر أو المطلق والمقيد عملا بقاعدة الاشتغال وبعد ما عرفت أنّه لا تنحل مسألتنا إلى الأقلّ والأكثر ضرورة القطع بعدم تقييد المأمور به بقيد القربة حسبما عرفت لا محيص إلا عن القطع بالبراءة وتحقق الامتثال ولو بمراعاة ما يحتمل اعتباره في صدقه عرفا أو شرعا وإن شئت استوضحت المقال وقلت بالمكلَّف به إذا لم يتردد بين الأقلّ والأكثر ولكن شكّ في تحقق الامتثال على بعض الوجوه دون بعض وجب فيه الاحتياط وإن كان الوجه المتوقف عليه العلم بالبراءة ممّا يحتاج إلى البيان لأن البيان إنّما يتوقف عليه التكليف إذا لم يجر قاعدة الاشتغال وأمّا إذا جرى فلا والمناط في جريانها عدم دوران المكلَّف به بين الأقلّ والأكثر ومن هنا يعلم أن الحكم بالاحتياط هنا أولى من الحكم به في المتباينين لأن المكلَّف به هناك معلوم إجمالا وفيما نحن فيه معلوم تفصيلا هذا والمقام بعد يحتاج إلى التأمّل والمسألة غير نقية من الإشكال لإمكان أن يقال إن التكليف الثابت قد حصل الامتثال به بحكم العرف والعقلاء واحتمال اعتبار القربة يرجع إلى الشكّ في التكليف لا في امتثال التكليف المعلوم حتّى يجري فيه قاعدة الاشتغال والفرق بين المقام وبين دوران المكلَّف به بين المتباينين واضح غير خفيّ على متدرب تدبّر المقام الثالث فيما يستفاد من الكتاب والسّنة من التوصلية أو التعبدية وأنّه هل فيهما ما يمكن استفادة شيء منهما منه أم لا فنقول ربما يدعى كما عن غير واحد من الأصحاب أنّه يستفاد من الكتاب والسّنة أن الأصل في الأوامر الشرعية هو التعبّدية والَّذي يمكن منهما استفادة ذلك منه أمور الأوّل قوله تعالى حكاية عن أهل الكتاب وما أمروا إلَّا ليعبدوا اللَّه مخلصين له الدّين حنفاء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة بتقريب أنّ اللام في قوله ليعبدوا للغاية فدل على أنّهم ما أمروا بشيء ممّا أمروا به إلَّا لغرض التعبّدية على وجه الإخلاص المتوقف على قصد القربة فيتم المدّعى لاقتضاء الحصر المستفاد منها أصالة التعبّديّة في الواجبات الإلهيّة وإذا ثبت ذلك في الشريعة السّابقة فيستصحب في هذه الشريعة أيضا إمّا لقضاء الاستصحاب بعد عدم العلم بنسخها فيها أو لقوله وذلك دين القيّمة بناء على تفسيرها بالثابتة الَّتي لا تنسخ كما عن المحقق الخونساري في مشارقه والمناقشة في ذلك باحتمال كون المفعول به المقدّر بعض الأوامر فتكون الآية مجملة لا تنهض حجة للمدعى غير ملتفت إليها ضرورة أنّه لا مجال لإنكار عمومها إمّا لما طفحت به كلماتهم من أن حذف المتعلَّق يفيد العموم أو لكون الآية واردة في مقام البيان ينافيه الإجمال فلا محيد عن تقدير المفعول عامّا قضاء للحكمة وأوهن منها دعوى أن المستفاد على التقدير المذكور كون جميع الأوامر تعبّديّة وهو خلاف الإجماع بل الضّرورة فإن أقصى ذلك ورود التخصيص عليه وهو غير ضائر وقد اشتهر أنّه ما من عام إلا وقد خص وقد يناقش في دلالة الآيات بوجوه أحدها أن دلالتها حسبما عرفت مبنيّة على كون اللام للغاية وهو في حيز المنع ضرورة كونها هنا لام الصلة والتقوية الداخلة على المفعول به على حدّ اللام في نظائر المقام صرّح به الرّضي وغيره والمراد بالعبادة هو التعبد والتذلَّل والانقياد على ما صرّح به غير واحد من اللَّغويين وينادي بذلك تتبع موارد الاستعمالات كقوله تعالى أتعبدون ما تنحتون وقوله نعبد أصناما فنظلّ لها عاكفين وقوله والَّذين اجتنبوا الطَّاغوت أن يعبدوها وغيرها من الاستعمالات كعبدة الأصنام وبالإخلاص في الدين التوحيد الخالص كما يشهد به تفسير أهل اللَّغة ففي مجمع البحرين في تفسير قوله تعالى ألا للَّه الدّين الخالص أي التوحيد الخالص ويشهد بذلك كثير من الآيات كقوله إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد اللَّه مخلصا له الدّين ألا للَّه الدّين الخالص والَّذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم وقوله إنّي أمرت أن أعبد اللَّه مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أوّل المسلمين وقوله قل اللَّه أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه ضرورة أن توعيد المتخذين الأولياء من دون اللَّه بعد الأمر بالعبادة على وجه الإخلاص في الدّين في الآية الأولى وتأخر الأمر بأوّلية الإسلام عن الأمر المتعلَّق بالعبادة على وجه الإخلاص في الدّين في الثانية ومقابلة قوله فاعبدوا ما شئتم بقوله قل اللَّه أعبد في الثالثة مما ينادي بإرادة التوحيد الخالص من الإخلاص في الدّين وحينئذ فمفاد الآية أنّهم ما أمروا إلَّا بالعبادة على وجه التوحيد فيكون حالها كحال نظائرها من الآيات الآمرة بالتوحيد الناهية عن الشرك باللَّه وبذلك فسّرها محققو المفسّرين قال الطبرسي في مجمع البيان وما أمروا إلَّا ليعبدوا اللَّه أي لم يأمرهم اللَّه إلَّا لأن يعبدوا اللَّه وحده لا يشركون بعبادته فهذا ممّا لا تخلف فيه ملَّة ولا يقع فيه تبدل مخلصين له الدّين أي لا يخلطون بعبادته عبادة ما سواه وقال القاساني في الصّافي وما أمروا إلَّا ليعبدوا اللَّه مخلصين له الدّين لا يشركون به

287

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست