نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 424
كما تقدّم في الصّورة الثّانية و هذا أيضا مراد المصنف رحمه الله
بمنع التّعارض في هذه الصّورة لأنّ مجرّد منعه لا يقتضي تقديم جانب الجار
إلاّ بتحكيم عموم نفي الضرر على عموم السّلطنةاللّهمّ إلاّ أن يكون المستند
فيه رواية سمرة لأنّ ظاهرها عدم الجواز مع قصد الإضرار و إن قلنا بتحكيم
عموم السّلطنة على عموم نفي الضّرر لكن يرد عليه أن ظاهرهاو إن كان ذلك
إلاّ أنّ إطلاقها سيّما بملاحظة موردها يشمل صورة ترتب منفعة على تصرّف
المالك أيضا فلا وجه حينئذ لتخصيص الحكم بعدم الجواز بصورة عدم ترتبها عليه
وكيف كان يدلّ على المدّعى أيضا ظاهر الإجماع لأنّ الفقهاء و إن لم
يعنونوا الكلام في المقام بحسب الحكم التكليفي لأنّهم إنّما تعرضوا لحكمه
الوضعي إلاّ أنّه يمكن استظهارهمن إجماعهم على حكمه الوضعي أعني الضّمان
بواسطة ما ستعرفه من الملازمة بين الحكمين و لعلّه من هنا قد ادعى المحقق
القمي فيما حكي عنه في الفقه الإجماع على الحرمة هناو حاصل ما حكي عنه هو
نفي الخلاف عن جواز تصرّف المالك و عدم ضمانه فيما لم يكن تصرّفه زائدا على
قدر الحاجة مع عدم العلم و الظنّ بتضرّر الجار به و كذا عنالحرمة و
الضّمان فيما كان تصرّفه زائدا على قدر الحاجة مع العلم أو الظن بتضرر
الجار به و يحتمل الحكم بالجواز هنا أيضا بعد منع القطع بتحقق الإجماع
المذكور لماعرفت من ابتنائه على دعوى الملازمة المذكورة لا على إفتائهم
بالحرمة بخصوصها إمّا لدعوى حكومة قاعدة السلطنة على قاعدة الضّرر و إمّا
لدعوى أخصية الأولى من الثانية كما تقدّمفي الصّورة الثانية إلاّ أن
الأقوى هو عدم الجواز لظاهر الإجماع و ما تقدّم في الصّورة الثّانية من
حكومة قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة و لكنّا حيثما قلنابالجواز مع تضرّر
الجار به فهو مشروط بأمور أحدها أن لا يكون تضرّر الجار بالنفس و العرض أو
بمال لا يتحمّل به و يستأصل به و هذا مستفاد من الشّرع لأنّ الشّارعأمر
بحفظ نفوس النّاس و أعراضهم و أموالهم في الجملة و رفع عنهم الأحكام
الضّرورية و العسر و الحرج منة فكيف يرضى بإدخال هذا الضّرر على الجار لأجل
مراعاة حالالمالك و عدم منعه من التّصرف لأجل جلب منفعة أو دفع مضرّة
يسيرة و ثانيها أن لا يكون تضرّر الجار بمباشرة من المالك بأن يصدق عليه
كونه متلفا لشيء من أموالالجار و يسند إليه الفعل حقيقة بحسب العرف كما
إذا أرسل الماء الكثير إلى ملكه دفعة واحدة فتعدى إلى ملك الغير بحيث لم
يقدر على دفعه فخرب ملك الغير به إذ لا ريبأنّ التخريب حينئذ إنّما يسند
إلى المالك عرفا و إن كان هو في الحقيقة موجدا للسّبب لا مباشرا للفعل و مع
صدق الإتلاف يحرم التّصرف و يضمن ما أضرّ بالجار لأدلة الإتلافالمصرحة
بالحكمين و ثالثها أن لا يكون المالك قاصدا بتصرّفه إضرار الجار و إلاّ حرم
تصرّفه مطلقا سواء كان مع قصده الإضرار قاصدا لجلب منفعة أو دفع مضرة أم
لاو سواء كان ضرر الجار كثيرا أم يسيرا و ربّما يستدلّ عليه بقوله صلّى
اللّه عليه و آله في قصّة سمرة إنّك رجل مضارّ و الأولى أن يستدلّ عليه
بقول النبي صلّى اللّه عليهو آله المروي عن دعائم الإسلام ليس لأحد أن
يفتح كوة في جداره لينظر إلى شيء من داخل جاره فإن فتح للضّياء فوقع يرى
له منه لم يمنع من ذلك فإنّه بإطلاقه يدل على حرمةالإضرار مع القصد إليه و
لو مع تضمن جلب منفعة أو دفع مضرة أيضا بخلاف قصّة سمرة لعدم تعلّق غرضه
إلاّ بالإضرار بالأنصاري و أمّا المقام الثاني فاعلم أنّك قد عرفتفي
المقام الأوّل أنّ الأقوى هو جواز التّصرف فيما عدا الصّورة الأخيرة من
الصور الأربع و الأقوى فيما عداها أيضا عدم الضّمان لوجوه أحدها الإجماع
على عدم ضمانالمالك على ضرر الجار إذا كان مأذونا في التّصرف و ما حكي عن
الشّهيد من القول بالضّمان في باب الغصب لعلّه مبني على القول بعدم الجواز و
ثانيها أنّ الرّخصة المطلقةمن الشّارع في فعل بمعنى عدم حكمه فيه بالضّمان
لا يتعقبها ضمان و يستفاد من كلمات الأصحاب كون هذه الملازمة مسلمة عندهم و
مفروغا منها بينهم منها ما حكي عن المحققفي نكت النّهاية من ضمان الزّوج
دية الزوجة إذا دخل بها عنفا فماتت بعده ثم قال إنه كان مأذونا فيه من قبل
الشّارع فلا يتعقبه الضمان و أجاب بعدم ثبوت الإذن من الشّارعفي الدّخول
بها بهذا النّحو و دلالة كلامه على المدّعى واضحة و منها إفتاء جمع من
الأصحاب بأن ولي الدّم إذا ضرب الجاني الّذي أراد الاقتصاص منه و تركه
ظانّا بموته و اتفقأنّه لم يمت به و بريء من الجناية فإن كان قد ضربه بما
يسوغ الاقتصاص به شرعا من الأسلحة و آلات الضّرب يجوز له قتله ثانيا و ليس
للجاني أن يقتص من الجاني بما جنى بهبقصد القصاص و اتفق عدم موته به و إن
ضربه بغير ما يسوغ الاقتصاص به شرعا بأن ضربه بالحجارة أو الخشب مثلا
فللجاني المضروب أن يقتص من ولي الدّم أولا بمثلما جنى به أولا ثمّ يقتله
ولي الدّم و علّل ذلك بالإذن من الشّارع في الاقتصاص بما سوّغ الشّارع
الاقتصاص به فلا يتعقبه ضمان بخلاف الثّاني و منها ما عن المفيدو سلاّر و
العلاّمة و الشهيدين و الفاضل المقداد و المقدس الأردبيلي قدس اللّه
أسرارهم من أنّ رجلا لو أحدث في الطّريق ما أباحه اللّه تعالى له فوقع فيه
غيره فتلف لا يضمنمعلّلين بما تقدّم و منها ما في الشّرائع من أنّه لو حفر
بئرا في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين بأن يشربوا من مائه فيما لم يكن
في قربه ماء فوقع فيه غيره فمات قيل لا يضمنو هو حسن لأن الحفر كان سائغا
فلا يتعقبه الضّمان و هو محسن و لا سبيل عليه و منها ما ذكره غير واحد من
أنّه لو أخرج أحد الشركاء ميزابه إلى الطريق المرفوع فإن أصابت الغيربه
جناية فإن كان قد أخرجه بإذن من الشركاء لم يضمن و إلاّ ضمن لأنّ الإخراج
إذا كان بإذنهم فهو مأذون فيه من قبل الشّارع فلا يتعقبه ضمان بخلاف ما لو
لم يكن بإذنهمو المستفاد من هذه الكلمات التسالم على الملازمة المذكورة
فتجعل هذه أصلا في كل مقام إلاّ ما أخرجه الدّليل فلا ينافيها ثبوت الضمان
في بعض الموارد مع ثبوت الإذنفيه كالطّبيب و البيطار و معلّم الأطفال
لثبوت الضّمان فيما حدث بخطائهم مع كونهم مأذونين من قبل الشّارع بل علاج
الأمراض و تعليم الأطفال واجبان كفاية معأن لنا أن نقول بخروج هذه الموارد
من محل الكلام لأنّ محلّ البحث كما تقدّم عند بيان شروط الحكم بجواز تصرّف
المالك إنّما هو ما لم يصدق فيه الإتلاف و المباشرة عرفاو إلاّ فأدلة
الإتلاف كافية في إثبات الضّمان و لا ريب في صدق الإتلاف على ما يحدث بخطإ
من ذكر لأنّ ذلك في المعلّم و البيطار واضح و أمّا الطّبيب فالمسلم من
ضمانهإنّما هي في صورة مباشرة المعالج لا مع تعليم طريق العلاج للمرضى و
ترتيب الأدوية و ما يناسب المزاج من الأغذية من دون مباشرة أصلا كما هو
المتعارف بين الأطبّاء فيأمثال هذا الزّمان و ثالثها أنا قد استظهرنا فيما
أسلفناه ورود قوله صلّى اللّه عليه و آله النّاس مسلّطون على أموالهم في
مقام رفع الضّرر و الضيق عن أرباب الأملاك بمنعالتّصرف في أملاكهم و لا
ريب أن ترتب الضّمان على تصرّفاتهم ضيق و ضرر عليهم فإثبات الضمان عليهم
مناف للغرض و رابعها أن الظاهر من عموم السّلطنة هي السّلطنة
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 424