نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 272
ما بعد البلوغ مع العلم بعدم خلو الواقعة من أحد الأحكام الخمسة
لا ينفك عن الإباحة بالمعنى الأعمّ الشّامل للثّلاثة الأخيرة و لكن
الاستصحاب كما لا يثبتاللّوازم غير الشّرعيّة كذلك لا يثبت المقارنات
الاتّفاقيّة و إن كانت شرعيّة أيضا بل الظّاهر أنّ القائلين بالأصول
المثبتة أيضا لا يقولون بذلكلأنّهم إنّما يقولون باعتباره في إثبات
اللّوازم مطلقا لا ما يشمل ذلك أيضا كما سيجيء في محلّه فلا يصحّ على
مذهبهم أيضا إثبات أحد الضّدين بنفي الآخركإثبات الاستحباب بنفي الوجوب
بالأصل فيما دار الأمر بينهما و العجب من صاحب الفصول فإنّه مع اعترافه
باعتبار الاستصحاب من باب التعبّد و عدم اعتدادهبالأصول المثبتة قد تمسّك
به في المقام و قد عرفت التّنافي بينهما بل هذا شيء لا يقول به القائلون
بالأصول المثبتة على ما عرفت هذا غاية توضيح ما ذكرهالمصنف رحمه الله في
المقام و هو متّجه إذا كان المقصود في المقام هو استصحاب الأمور المذكورة
لإثبات عدم العقاب أو الإذن و الرّخصة من الشّارع و أمّا إذاكان المقصود
استصحاب عدم الوجوب و الحرمة فهو أيضا و إن لم يثبت الإذن و الرّخصة على ما
عرفت إلاّ أنّه قد يثمر في بعض المواضع مثل ما ورد فيالأخبار من أن من
عليه فريضة لا يجوز له التطوّع حيث يستفاد منه كون جواز التطوع لازما شرعيا
لعدم فريضة على المكلّف فإذا صحّ نفي الوجوب بالاستصحاب ثبت جواز التطوّع
له شرعا فتدبّر
قوله
لأنّ عدم استحقاق العقاب إلخ(1) الأولى ترك لفظ الاستحقاق لأنّ عدم
استحقاق العقاب أحد المستصحبات لا من لوازمها فضلا عن أن يكون شرعيّا أو
غيره اللّهمّإلاّ أن يريد باستحقاق العقاب ترتبه مجازا أو يريد أن عدم
استحقاقه ليس من اللّوازم الشّرعيّة للفعل حتّى يثبت باستصحاب نفسه و هذا و
إن كان صحيحا إلاّأنه لا تفي به العبارة بل مناف لسياقها
قوله
من الاستصحاب فتأمّل [2]الأمر بالتّأمّل إشارة إلى بقاء الموضوع في
زمان الشّكّ في محلّ الفرض بالمسامحة العرفية و إنكان مرتفعا بالمداقة
العقليّة لكون بلوغ الصّبي و إفاقة المجنون عند أهل العرف من قبيل تغير
حالات الموضوع لا من قبيل تغير نفس الموضوع و سيجيء توضيحما يتعلّق بذلك
في محلّه إن شاء اللّه تعالى و قد يورد على استصحاب البراءة أيضا بالعلم
الإجمالي بانتقاض الحالة السّابقة لأنّ اليقين بالبراءة في حال الصّغرو
الجنون إنما هو مع العلم بعدم التّكليف رأسا و قد علمنا إجمالا بانتقاض هذه
الحالة بعد البلوغ و الإفاقة بالعلم بأنّ للشّارع في كلّ واقعة حكما
منالأحكام الخمسة و بعبارة أخرى أنّ المستصحب إن كان هي البراءة الثّابتة
في حال الصّغر و الجنون فهي منتقضة بالعلم بخلافها إجمالا على ما عرفت و إن
كان هوعدم الوجوب و الحرمة فهو معارض باستصحاب عدم الإباحة أيضا لكون
الشّكّ حينئذ في الحادث بعد العلم إجمالا بحدوث شيء و قد يذب عنه بأن
المقصود باستصحاب عدمالوجوب و الحرمة ليس هو إثبات الإباحة حتى يرد ما
عرفت بل المقصود نفي الأثر الزّائد المرتب على ما علم إجمالا لأنّه إذا علم
حدوث أحد شيئين و كان أحدهما أكثرآثارا من الآخر فالأصل يقتضي نفي الأثر
الزائد و الوجوب و الحرمة يختصان بالنّسبة إلى الإباحة بالمعنى الأعمّ
بترتّب العقاب على مخالفتهما فالأصل يقتضي نفىهذا الأثر مع السّكوت عن كون
الثّابت إجمالا هو ما ترتّب عليه هذا الأثر أو غيره
قوله
فلا بدّ له من العمل إلخ [3] مع العمل بالظّنّ غير المنصوص على
حجيّة نقل مواردالبراءة أيضا و هي موارد فقد الظنّ المطلق فلا يلزم من
العمل بالاحتياط فيها عسر
قوله
و فيه ما لا يخفى [4]لأنّ محلّ الكلام في المقام ما دار الأمر فيه
بين الحرمةو غير الوجوب فلا يشمل ما دار الأمر فيه بين المحذورين و قد
يتمسّك في المقام أيضا بالغلبة نظرا إلى كون أغلب الأشياء مباحة و فيه
أوّلا منع الغلبةلأنّ مقصودهم حيث يتمسّك بها كون النّادر مضمحلا في جنب
الغالب و لا ريب أنّ الواجب و الحرام ليسا كذلك بالنّسبة إلى المباح و
ثانيا منع حصول الظنّمن هذه الغلبة و ثالثا منع اعتبار الظنّ الحاصل منها و
رابعا خروج أصالة البراءة على هذا التّقدير من كونها من الأدلّة
الفقهائيّة لكون الغلبة مقيدةللظنّ بإباحة المشكوك بحسب الواقع فتأمّل
احتجاج القائلين بالاحتياط و جوابهم
قوله
مضافا إلى النّقض إلخ [5] يرد عليه أيضا أنّ قول الأخباريين بوجوب
الاحتياط و حرمة الارتكاب قولبغير علم و ما ذكره المصنف من عدم ابتناء
القول بالاحتياط على الفتوى بحرمة الارتكاب مبنيّ على المماشاة مع الخصم و
إلاّ فلا ريب في فتوى الأخباريين بوجوبالاحتياط و حرمة الارتكاب
قوله
فنمنع منافاة الارتكاب إلخ [6] لأنّ للتّقوى معنيين أحدهما ما ذكره
الفقهاء عند تعريف العدالة بأنّها ملكةتبعث على ملازمة التّقوى من الإتيان
بالواجبات و الاجتناب عن المحرّمات و على هذا المعنى لا ينافي ارتكاب
الشّبهة للتّقوى لفرض عدم العلم بحرمة المشتبهو إليه ينظر قوله بمنع
منافاة الارتكاب للتّقوى و ثانيهما ما هو المتداول بين عامة النّاس حيث لا
يطلقون المتّقي إلاّ على الأوحدي من النّاس و هو من أتىبالواجبات و
المستحبّات و اجتنب عن المحرّمات و المكروهات بل عن المباحات و المشتبهات
على حسب ما يسعه وسعه فلو كان المراد بالتّقوى في الآيتين هوهذا المعنى لزم
فيهما تخصيص الأكثر بناء على حمل الأمر فيها على ظاهره من الوجوب للقطع
بجواز ارتكاب المباحات و المكروهات و كذا الشّبهات التّحريميّة
الموضوعيّةباتّفاق من الأخباريين و كذلك ترك المستحبّات و كذا الشّبهات
الوجوبيّة مطلقا حكميّة كانت أم موضوعيّة باتّفاق منهم فلا يبقى تحت
الآيتين إلاّ الواجباتو المحرّمات و الشّبهات التحريميّة الحكميّة و لا
ريب في كون الخارج حينئذ أكثر من الباقي كيف لا و الشّبهات الموضوعيّة
بانفرادها أكثر من الداخل لكون الأكثرالأشياء من المأكولات و المشروبات و
الملبوسات و غيرها مشتبهة بحسب الواقع فلا مناص في دفع هذا الإشكال من حمل
الأمر في الآيتين على مطلق الرّجحان و هومناف للغرض من الاستدلال بهما فإن
قلت إن المتفاهم عرفا من التقوى هو ترك ما في فعله و فعل ما في تركه خوف
فلا تشمل المستحبّات و المكروهات و المباحات فينحصر مفهومه في فعل
الواجباتو الشّبهة الوجوبية و ترك المحرمات و الشّبهة التّحريميّة سواء
كانت حكميّة أم موضوعيّة و الخارج منها لا يستلزم تخصيص الأكثر لكون
التّخصيص بحسب النّوع دون الأفراد لأنّ الخارجحينئذ نوعان أعني الشّبهة
الوجوبيّة مطلقا و الشّبهة التحريميّة الموضوعيّة و الباقي ثلاثة أنواع
أعني الواجبات و المحرّمات و الشبهة التحريميّة الحكميّة قلت أوّلا أن
التّخصيص النّوعي خلاف
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 272