نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 436
عن مضمون قوله عليه السّلام لا تنقض اليقين بالشكّ و لا ريب أن
البحث عن دلالة هذا الخبر على هذه الكليّة أعني عدم جواز نقض اليقين بالشكّ
ليس بحثا عن أحوال السّنةإذ المراد بالبحث عن أحوالها هو البحث عنها من
حيث السّند أو الدّلالة أو المعارض أو نحو ذلك لا البحث عن تعيين مدلولها
بعد الفراغ منها بل ذكر الخبر حينئذ ليس إلاّمن باب ذكر المبادي التّصديقية
و المقصود الأصلي استفادة الحكم منه كإثبات وجوب عبادة بالخبر لأنّ ذكر
الخبر حينئذ ليس بحثا عن الخبر بل من باب ذكر المبادي و بعد استفادةالكليّة
المذكورة عن الخبر المزبور فالاستدلال بها على مواردها الجزئيّة ليس
استدلالا بالدليل حتّى يكون البحث عنها و لو من حيث استفادتها من الأخبار و
تطبيقها علىجزئيّاتها بحثا عن الدّليل و إن أراد أنّ قاعدة الاستصحاب
كلية يستدلّ بها على جزئيّاتها و الأخبار دليل على هذه الكليّة بأن كانت
هذه الأخبار دليل الدّليل كما أنّأخبار الآحاد أدلّة على إثبات خصوصيّات
مؤدياتها و آية النبإ دليل الدّليل يرد عليه مضافا إلى ما عرفت و إلى ما
ستعرفه عند ما أورده المصنف رحمه الله على بعض السّادة الفحولأن أخذ شيء
من شيء لا يوجب دخوله فيه و إلاّ انحصر أدلة الأحكام الشّرعيّة في العقل
لانتهاء جميع الأدلة السّمعية إليه فلا يبقى وجه لتربيع الأدلّة و قد ظهر
من جميعما قدّمناه أنّ المتعيّن إدراج مسألة الاستصحاب على تقدير أخذها من
الأخبار في المسائل الفقهيّة و أنّه لا وجه لرسمها في المسائل الأصوليّة
نعم يصحّ ذلك بأحد وجهينإمّا أن يلتزم بحكم العقل و العقلاء تعبدا أو ظنّا
باستصحاب الحكم الثّابت سابقا و يجعل قوله عليه السّلام لا تنقض اليقين
بالشكّ دليلا على ذلك بمعنى كون ورود هذا الكلاممن الشّارع في مقام إمضاء
الحكم المذكور إرشادا منه إليه فيكون الاستصحاب حينئذ دليلا على إثبات
الحكم الشّرعي في زمان الشّك و الخبر الشّريف دليلا على اعتباره و حجيّتهو
إمّا أن يلتزم بكون الخبر المذكور ناظرا إلى جعل الحالة السّابقة مع الشك
في بقائها أمارة إلى الواقع إذ الحكم حينئذ يكون مستفادا من هذه الأمارة و
يكون الخبر دليلاعلى اعتبارها و لكن شيء منهما لا يساعده دليل لأنّ ظاهر
الخبر بيان الكلية المسمّاة بقاعدة اليقين هذا غاية ما يمكن أن يقال في
توضيح ما ذكره المصنف رحمه الله و هو بعد ما يخلو مننظر يتوقف بيانه على
بيان الفرق بين الدليل و القاعدة فنقول إن الدّليل هو الوسط الّذي يحتج به
لثبوت الأكبر للأصغر كما صرّح به المصنف رحمه الله في صدر الكتاب و هو نفس
الأصغرو إليه ينظر تعريفهم له بأنّ الدّليل ما يمكن التوصّل بصحيح النّظر
فيه إلى مطلوب خبري لأنّ المراد بالموصولة هو الأصغر و بصحيح النظر ترتيب
القضيتين من الصّغرى و الكبرىو بالتوصّل أخذ النتيجة منهما هذا بحسب ما
اصطلح عليه الأصوليّون و أمّا علماء الميزان فالدّليل عندهم مجموع
المقدمتين فإذا قيل العالم متغير و كلّ متغيّر حادثفالدّليل عند
الأصوليّين هو العالم و عند علماء الميزان مجموع المقدمتين و القاعدة هي
الكليّة الّتي يستدلّ بها على جزئياتها و هذه الكليّة هي الّتي تجعل كبرى
فيترتيب القضيتين و أخذ النتيجة منهما و إذا فرضت لموضوع هذه الكليّة
ملزوما و كرّرت هذا الموضوع بينه و بين محموله حصلت عندك المقدّمتان كما
يظهر ممّاذكرناه من المثال و إذا تحقق ذلك نقول إنّ عدم كون قاعدة
الاستصحاب من الأصول إن كان من جهة عدم جريان المميزات الخمسة الّتي عرفتها
في الحاشية السّابقة وغيرها فيها فتوجه المنع إليه واضح أمّا تعريف علم
الأصول فإنّه لا ريب أنّه يصدق عليها أنّها قاعدة ممهدة لاستنباط الأحكام
الشّرعيّة الفرعيّة لأن إطلاق التعريفيشمل استنباط الحكم من نفس هذه
القاعدة أو من غيرها بمعونتها فإن قلت إنّ المراد بالاستنباط هو الاستدلال
على الحكم بالدليل و قد عرفت أنّ تطبيق القواعد علىجزئيّاتها لا يسمّى
استدلالا قلت لا نفهم معنى هذا الكلام و إن ذكره بعض أجلّة الأعلام لأن
إثبات حكم كلّي على جزئيّاتها الحقيقية أو الإضافيّة لا يتم إلاّ بترتيب
القضيتينمن الصغرى و الكبرى حتّى تؤخذ النتيجة منهما كما إذا قلت إنّ هذا
كان متّيقن النّجاسة و شكّ في بقائها و كلّ ما هو كذلك فهو محكوم بالنجاسة
فلا وجه لمنع كونه استدلالا و أمّاموضوعه فإن موضوع علم الأصول هي أدلة
الفقه و لا ريب أن المقصود من البحث عن قاعدة الاستصحاب هو التّصديق
بثبوتها شرعا و لا إشكال أنّ الاستدلال على إثباتهاو التصديق بثبوتها شرعا
بالأخبار بحث عن أحوال هذه القاعدة التي عرفت كونها دليلا على إثبات
جزئيّاتها و سيجيء توضيحه عند بيان مراد من جعل الأخبار دليلا على
الدّليلو ما ذكرناه في توضيح مراد المصنف رحمه الله من أن مرجع البحث عنها
بناء على اعتبارها من باب الأخبار إلى البحث عن تعيين مدلول الدّليل و هو
ليس بحثا عن أحواله ضعيف لأنّ فيه اشتباهابين البحث عن تعيين مدلول الدّليل
لتصوره و بين البحث عن تعيين مدلوله للتصديق بثبوت مضمونه في الواقع لكون
ألفاظ الخبر دليلا على إثبات مضمونها في الواقعكما يقال إن قوله تعالى أقيموا الصّلاة
دليل على وجوبها في الواقع فيقال فيما نحن فيه أيضا إنّ قاعدة الاستصحاب
دليل على إثبات أحكام مواردها الجزئيّة و البحث عن ثبوتها و عدمهفي الواقع
بحث عن أحوال الدّليل فتدخل في المسائل الأصولية و أمّا خواصه فباعتراف من
المصنف رحمه الله و أمّا التدوين فواضح اللّهم إلاّ أن يقال إن تدوينهم
قاعدة الاستصحاب في المسائلالأصوليّة إنّما هو لأجل قولهم باعتباره من باب
العقل كما ذكره المصنف رحمه الله في الأمر الأوّل و هو لا ينكر كونها منها
على هذا التقدير و إنّما ينكر كونها منها على تقدير أخذهامن الأخبار و
التّدوين بالاعتبار الأوّل لا يستلزم كونها من مسائل الأصول بالاعتبار
الثاني و يؤيّده أن ظاهر كثير من العامة دخول قاعدة الاستصحاب في
القواعدالشرعية نظير قاعدة الضرر و الحرج و نحوها حيث نظموها في سلكها بعد
ذكر الأدلّة العقلية و الشّرعيّة كما في محصول الرّازي و شرح المنظومة
لمحمد البرماوي الشافعي وغيرهما و عدّها من القواعد الشّرعيّة ظاهر في
خروجها من مسائل الأصول و كيف كان و فيما قدّمناه كفاية و إن كان من جهة أن
تطبيق الكليّات على جزئيّاتها لا يسمّى استدلالابالدّليل حتى يكون البحث
عنها بحثا عن أحوال الدّليل فقد عرفت ضعفه فإن قلت إن جميع ما ذكرت جار في
جميع القواعد الشرعيّة الّتي تتفرّع عليها أحكام كليّة فلا بدّ أنيكون من
الأصول و لا يلتزمون به قلت هذا الإشكال وارد على القوم و لا أعرف وجها في
دفعه و إن كان ربّما يذكر في وجهه ما لا يدفع ضيما
قوله
نعم يندرج تحتهذه القاعدة إلخ(1) لعلّه إشارة إلى استثناء هذا
المورد من محلّ الكلام لتعين القول بكون القاعدة حينئذ من المسائل الأصولية
كما أشرنا إليه عند قوله أمّا على القول بكونه منالأصول العمليّة إلى
آخره
قوله
هذا من خواص المسألة الأصولية إلخ [2] قد ظهر الوجه فيه عند شرح
قوله أمّا على القول بكونه من المسائل الأصولية إلى آخره و لكن للنظر
فيهمجال واسع لأنّي لا أعرف فرقا بين قاعدة الاستصحاب و سائر القواعد
الفقهية الّتي يستنبط منها الأحكام الكليّة كقاعدة الضّرر و الحرج و
السّلطنة و الطهارة و غيرها
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 436