نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 250
الكلام في أصالة البراءة
الحكم المجعول في مورد الشك حكم ظاهري
بسم اللّه الرّحمن الرّحيمالحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه
على أشرف الأنبياء و المرسلين محمّد و آله المعصومين الأطيبين و لعنة
اللّه على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدّينقولهفلمّا لم يكن فيه كشف
إلخ(1)لتساوي نسبة الشك إلى طرفيه فلا يعقل أن يعتبر من باب الكشف بالنسبة
إلى أحدهما و إلاّ لزم ترجيح أحد المتساويين على الآخرو لكنّا قد أسلفنا
فيما علقناه على صدر الكتاب ما يناقش في ذلك
قوله
كان حكما ظاهريّا ا [2]اعلم أنّ الأحكام باعتبار تعلقها بنفس الموضوعات
الواقعية وبالموضوعات المشكوك في حكمها تنقسم إلى واقعية و ظاهرية و
الأدلّة الدّالّة عليها إلى اجتهادية و فقاهتيّة أمّا الأولى فهي كما
يستفاد من عبارة المصنف رحمه الله هيالأحكام المقرّرة في نفس الأمر لنفس
الموضوعات الواقعيّة من غير مدخلية للعلم و الجهل فيها بمعنى تغيّرها و
تبدّلها بعلم المكلّف و جهله بها إذ لو كانلهما مدخل فيها لزم التّصويب في
الأحكام الأولية لدورانها حينئذ وجودا و عدما مدار العلم و الجهل نعم قد
يكون لهما مدخل في موضوع هذه الأحكامبمعنى كونهما جزءا من موضوعاتها من
دون أن يلزم منه تصويب باطل بأن يجعل الشّارع الحرمة و النّجاسة مرتبتين
على الخمر المعلومة الخمرية و مقتضاهكونها مباحة و طاهرة في حقّ الجاهل
بها و من هذا القبيل جواز الشّهادة بناء على كون علم الشّاهد بالواقعة جزءا
من موضوع هذا الحكم و هذه الأحكامعلى قسمين اختياري و هي الأحكام التي
جعلها الشّارع للمختار كوجوب الإتيان بالصّلاة قائما و تسمى بالأحكام
الواقعيّة الاختيارية و اضطراريّو هي الأحكام الّتي جعلها الشّارع للمضطر
مثل وجوب الإتيان بالصّلاة قاعدا أو مضطجعا و تسمى بالأحكام الواقعيّة
الاضطراريّة و من لوازم هذهالأحكام عدم تنجّزها إلاّ مع العلم بها و مع
العلم بها لا يجوز للشّارع الحكم بخلافها إذا حصل العلم بها تفصيلا لوضوح
المنافاة بينهما و أمّا مع العلمبها إجمالا ففيه وجه للجواز لعدم امتناع
أن يأمر الشّارع ببدل الواقع بمعنى أن يقنع ببعض محتملات الواقع في مقام
امتثاله بأن جعله بدلا عن الواقع كمافي الشبهة المحصورة على القول بعدم
وجوب الموافقة القطعيّة و حرمة المخالفة القطعيّة و أمّا الثّانية فهي
الأحكام المقرّرة للجاهل بالأحكام الواقعيّةكمؤديات الأصول العمليّة و هي
مستلزمة لأحكام أخر مقررة في نفس الأمر لينسب الجهل إليها و تكون هذه
ظاهريّة بالنّسبة إليها كما قرّره المصنف رحمه الله و تسمّى أحكاماواقعية
ثانوية في لسان بعضهم و ظاهريّة في لسان آخرين و وجه التّسمية واضح ممّا
قرّره المصنف رحمه الله قيل و من لوازمها عدم تحقّقها إلاّ مع العلم بها
لأنّ مؤدىالبراءة و الاستصحاب مثلا لا يتحقق و لا يصير حكما في حق المكلّف
إلاّ بعد العلم بكونه حكم اللّه في حقّه فبمجرّد علمه به يجعل هذا الحكم
في حقّه و يتنجز التكليف بهبخلاف الأحكام الواقعية لتحققها في الواقع مع
علم المكلّف بها و جهله نعم تنجزها يتوقف على العلم بها على ما أسلفناه
فتأمل و من جملة لوازمها أيضا انتفاؤهاحقيقة أو حكما مع العلم أو الظن
المعتبر بالحكم الواقعي على ما قرّره المصنف رحمه الله و توضيحه أنّ الواقع
قد يفرض بالنّسبة إلى نفس الأمر و قد يفرض بالنسبة إلى ماجعله الشّارع في
عرض الواقع بل عينه بالتنزيل كمؤديات الكتاب و السّنة على القول باعتبارها
بالخصوص و بكونها منزّلة بمنزلة الواقع و إن لم تكن هي هوو قد عرفت كون
الأحكام الظاهرية مجعولة في حق الجاهل بالحكم الواقعي لا العالم به و حينئذ
إن كان المأخوذ في موضوع الحكم الظاهري أعم من الجهل بالحكم الواقعيو ما
هو بمنزلته فمع العلم بأحدهما ينتفي موضوعه لفرض انتفاء الوصف المأخوذ في
موضوعه فيتبعه انتفاء الحكم الظّاهري حقيقة و حينئذ تكون الأدلّةالاجتهادية
سواء أفادت العلم أو الظنّ بالواقع واردة على الأصول و إن كان المأخوذ فيه
هو الجهل بالحكم الواقعي خاصّة دون ما هو بمنزلته فبالعلم به ينتفىالحكم
الظّاهري حقيقة على ما عرفت و أمّا مع العلم بما هو بمنزلته فيكون انتفاء
الحكم الظّاهري حينئذ بحسب حكم الشّارع لا بحسب الحقيقة لكون انتفاء
موضوعهحينئذ بحكم الشّارع لا بحسب الحقيقة لأنّ مؤديات ظواهر الكتاب و
السّنة لما كانت بمنزلة الواقع بجعل الشّارع كان العلم بها بمنزلة العلم
بالواقع فترتّب علىالعلم بها أحكام العلم بالواقع فكما أنه مع العلم
بالواقع ينتفي موضوع الحكم الظّاهري كذلك مع العلم بالحكم المستفاد من
ظواهر الكتاب مثلا غايةالأمر كون انتفائه هنا حكما و هناك حقيقة و حينئذ
تكون الأدلة الاجتهاديّة الظنّية حاكمة على الأصول لا واردة عليها و على
تقدير كون المرادمن الجهل أعمّ من الجهل بالواقع و ما هو بمنزلته قد يعتبر
وصف الواقعيّة و الظّاهريّة بالنّسبة إلى مؤديات الأصول الّتي هي أحكام
ظاهرية فيقالإنّ شرب التّتن مثلا له حكم واقعي مقرّر في نفس الأمر لا
يختلف بالعلم و الجهل و له مع الجهل بالواقع حكم ظاهريّ و هو ما يستفاد من
البراءة و لهحكم ظاهري آخر مع العجز عن ترجيح أدلّة البراءة على أدلة
الاحتياط في الموارد المختلف فيها و هو الخطر أو الإباحة على الخلاف في
الأشياء المشتملة على منفعةخالية عن أمارة مفسدة كشم الطّيب و أكل الفاكهة و
على القول بالإباحة فيها يتحد الحكمان الظاهريان فالبراءة و الاحتياط
بالنّسبة إلى الواقع حكمانظاهريان و بالنّسبة إلى الخطر و الإباحة واقعيان
و في جميع هذه المراتب ينتفي موضوع الحكم الظّاهري حقيقة أو حكما على ما
عرفت بالعلم بالحكم الواقعيأو ما هو بمنزلته
ارتفاع موضوع الأصل بوجود الدليل
و كيف كان فقد ظهر ممّا قدمناه وجه ما ادعاه المصنف رحمه الله من
كون تقديم الأدلّة الاجتهادية الظّنية على الأصول من باب الحكومة دون
التّخصيصو كذلك الوجه فيما فرق بينما لو قلنا باعتبار الأصول من باب
الشّرع أو العقل حيث تنزّل مما ذكرناه أوّلا فسلّم كون تقديمها عليها من
باب التّخصيص على الأوّلدون الثّاني لأن المأخوذ في موضوع البراءة و
الاشتغال إذا قلنا باعتبارهما من باب الشّرع هو عدم العلم بالواقع و هو لا
يرتفع بالظن به و إن كان معتبرا
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 250