نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 205
بكون العباد مجبورين في أفعالهم حيث زعموا أن كل فعل لا بدّ أن
يكون معلوما لعلة تامّة و لو كانت هي الإرادة فإذا وجدت ترتب عليها
وجودمعلولها قهرا و إذا فقدت ترتب على فقدها فقد معلولها كذلك فأجاب
العدلية عن ذلك بأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار مريدينبذلك منع
خروج الفعل أو التّرك بمجرّد إيجاد علّة وجوده أو عدمه من كونه اختياريّا
لفرض كون المكلّف قبل إيجاد علّة الوجود أو التّرك مختارا فيإيجاد علة
أحدهما و بهذا الاعتبار يتصف الفعل بعد إيجاد علّة وجوده بالاختيار و
المعنى المطابقي للقاعدة أنّ الفعل الاختياري لا يخرج من وصفكونه
اختياريّا بعد إيجاد علّة الوجود أو الامتناع إذ لو لم يكن الفاعل مختارا
في فعله لم يقدر على جعله واجبا أو ممتنعا فقدرته عليه تكشفعن كونه مختارا
في فعله و لذا قد زاد فيها بعضهم قوله بل يؤكّده و بالجملة لا دخل للقاعدة
في جواز التّكليف بالفعل بعد إيجاد علة امتناعه حتّىيقال بجوازه أيضا
فيما نحن فيه و الجواب عن الثّاني بالمنع من اختصاص ارتفاع التكليف بسبب
العسر بالتكاليف الابتدائيّة الّتي لا يكون مدخل فيهاللمكلفين أصلا نعم
يمكن أن يقال أنّ أدلّة نفي العسر لا تشمل ما لو ألزم المكلّف التّكليف على
نفسه و أمضاه الشّارع كما في مثال النّذر لكونه كالعقودمن قبيل الإمضاء
دون الإنشاء و أمّا عدم شمولها لمطلق ما كان ناشئا من اختيار المكلّف فلا و
تشهد بما ذكرناه فتوى جماعة بجواز التّيمّم لمنأجنب عمدا و هو يعلم بتعسر
الغسل عليه إما لتعسر تحصيل الماء أو لبرد أو لغيرهما و حكم الشّهيد
الثّاني في محكي المسالك بأنّ الغاصب بأمور يرد المغصوبإلى مالكه ما لم
يؤدّ إلى العسر الذي ينتقل من الوضوء و الغسل إلى التّيمّم من كون استعمال
الماء مستلزما لخشونة جلده مثلا مع كون المكلّف هوالسّبب في توجّه التكليف
في المثالين نعم كون مطلق العسر في باب الغصب سببا لسقوط الأمر بالرّدّ لا
يخلو من تأمّل سيّما مع ما ورد من أنّ الغاصب يؤخذبأشدّ الأحوال بل تعدّى
بعضهم حتّى حكم بوجوب الرّد مطلقا و لو كان فيه تلف مال كثير و ضرر بدنيّ و
توضيح المقام أنّ التكليف بالعسير يتصور على وجوهأحدها أن يصدر التكليف
به من قبل اللّه سبحانه ابتداء بأن يكلف المريض الّذي يشق عليه القيام
بالصّلاة قائما أو يأمر الصّحيح بصوم الدّهر و ثانيهاأن يتسبّب بعض من
يندرج في النّوع من آحاد المكلّفين لتكليف جميعهم بتكليف عسير و ما نحن فيه
من هذا القبيل لكون تكليفنا بالاحتياط في زمان غيبةالإمام عليه السّلام
مسبّبا عن ظلم الأوّلين حيث تسبّبوا بظلمهم لاختفائه عليه السّلام عنّا و
ثالثها أن يتسبّب المكلّف بنفسه لتوجّه تكليف عسير إليه كما عرفتفي مثال
تعمد الجنابة و رابعها أن يلزم المكلّف تكليفا عسيرا على نفسه ثم يمضيه
الشّارع كما في مثال نذر الحجّ ماشيا و صوم الدّهر إذ لم يصدر عن
الشّارعهنا إلاّ إمضاء ما ألزمه المكلّف على نفسه و عموم أدلّة نفي العسر
محكم في هذه الصّور ما عدا الأخيرة منها كما يشهد به ما عرفت من فتوى جماعة
منالفقهاء و تخصيصها بالصّورة الأولى لا شاهد له أصلا لعموم أدلّته كما
لا يخفى بل منع شمولها للصّورة الأخيرة بدعوى انصرافها إلى غيرها لايخلو من
تأمّل إذ لا ريب أنّ قوله سبحانه ما جعل عليكم في الدّين من حرج
و نحوه عام شامل للجميع و لا معنى لدعوى الانصراف في العمومات
لاختصاصهابالمطلقات كما هو واضح و لعلّ هذا هو وجه تأمّل المصنف رحمه الله
أيضا فيه
قوله
الوجوب الكفائي(1)كما في مسألة الاجتهاد
قوله
و العيني [2]كما في المقام
تنبيه
اعلم أنّ هنا وجوها أخر سوى ما نقله المصنف رحمه الله أوردوها
على إبطال وجوب الاحتياط بقاعدة العسر تركها المصنف رحمه الله إمّا لخوف
الإطالة أو لوضوحالجواب عنها و قد أشار المصنف رحمه الله أيضا فيما تقدّم
من كلامه إلى أن ما أورده في المقام بعض ممّا أوردوه و نحن نوردها مع
الجواب عنها على طريق السّؤالو الجواب فنقول فإن قلت إنّ الاحتياط إذا كان
مستلزما لاختلال النّظم كيف صنع الأخباريّون حيث أخذوه مسلكا في إتمام
الفقه و لم يختل أمرهمو هو يكشف عن عدم استلزامه لذلك قلت فرق واضح بيننا و
بين الأخباريين لأنّهم حيث زعموا انفتاح باب العلم فلم يعملوا بالاحتياط
إلاّ فيقليل من المسائل لقلّة المشتبهات عندهم و نحن حيث فرضنا الانسداد
في أغلب المسائل فلا ريب في لزوم محذور الاختلال من العمل بالاحتياط
فيهافإن قلت إنّه لا ريب في حسن الاحتياط و لا خلاف لأحد فيه فلو فرض كونه
موجبا لاختلال النّظم لزم على المجتهدين أن لا يقولوا باستحبابه لقبح
الأمرو لو استحبابا بما يوجب الاختلال فلا بدّ إمّا من نفي حسنه و لا يقول
به أحد و إمّا من نفي استلزام الاحتياط الكلّي للاختلال قلت إنّ حسن
الاحتياطأنّما هو مع عدم استلزامه للاختلال أو العسر المنفي شرعا و مع
استلزام أحدهما فهو حسن بالذات و قبيح بالعرض سواء كان قبحه من جهة العقل
كما فيالأوّل أو الشّرع كما في الثّاني فإن قلت إنّ الأمر بما يستلزم
الاختلال لو كان قبيحا عقلا لم يرد به الأمر شرعا و قد ورد لورود الأمر
بالمستحبّات المستغرقكثير منها للأوقات كاستحباب ركعتين في كلّ زمان
يسعهما و تلاوة القرآن و قراءة الأدعيّة المأثورة و زيارة الأئمّة صلوات
اللّه عليهم أجمعين وتشييع الجنائز و عيادة المرضى و نحو ذلك ممّا لا يخفى
إذ لا ريب أنّ الاشتغال بهذه المستحبّات بل ببعضها مستغرق للأوقات و مخلّ
لأمر المعاشمع أنّ الأمر بهذه المستحبّات مستلزم للأمر بالضّدين في آن
واحد و هو محال لاستحالة الإتيان بالصّلاة في حال الاشتغال بالتّلاوة أو
السّعيفي قضاء حوائج المؤمنين مع فرض مطلوبية كل منها في آن مطلوبية الآخر
قلت إنّ الأمر بما يوجب اختلال النّظم قبيح عقلا فلا بدّ حينئذ من
التّصرففي أدلّة المستحبّات سيّما مع ملاحظة ما عرفت من استلزامه الأمر
بالمحال و حينئذ نقول إنّ أدلّة المستحبّات على أقسام منها ما يدلّ على حسن
الفعلمن حيث هو من دون أمر به أصلا مثل قوله عليه السّلام الصّلاة خير
موضوع و قوله عليه السّلام الصّوم جنّة من النّار و حسن الفعل من حيثهو
غير ملازم للأمر به فعلا كما ذكره بعضهم في الجواب عن استدلال المجوزين
لاجتماع الأمر و النّهي بالعبادات المكروهة التي لا بدل لها
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 205