كله النجاشي صاحب الرجال في ترجمة كل واحد من هؤلاء . وفي أعقاب الغيبة الصغرى نجد الصدوق في أواسط القرن الرابع يواصل تلك الحملة ، ونذكر له - على سبيل المثال - تعقيبة في كتابه على قصة موسى والخضر ، إذ كتب يقول : " إن موسى - مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى - لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتى اشتبه عليه وجه الامر به ، فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله القياس والاستدلال والاستخراج كان من دونهم من الأمم أولى بأن لا يجور لهم ذلك . . . فإذا لم يصلح موسى للاختيار - مع فضله ومحله - فكيف تصلح الأمة لاختيار الامام ، وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة " . وفي أواخر القرن الرابع يجئ الشيخ المفيد فيسير على نفس الخط ويهجم على الاجتهاد ، وهو يعبر بهذه الكلمة عن ذلك المبدأ الفقهي الآنف الذكر ويكتب كتابا في ذلك باسم " النقص على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي " . ونجد المصطلح نفسه لدى السيد المرتضى في أوائل القرن الخامس إذ كتب في الذريعة يذم الاجتهاد ويقول : " إن الاجتهاد باطل ، وإن الامامية لا يجور عندهم العمل بالظن ولا الرأي ولا الاجتهاد " وكتب في كتابه الفقهي " الانتصار " معرضا بابن الجنيد - قائلا " إنما عول ابن الجنيد في هذه المسألة على ضرب من الرأي والاجتهاد وخطأه ظاهر " وقال في مسألة مسح الرجلين في فصل الطهارة من كتاب الانتصار : " إنا لا نرى الاجتهاد ولا نقول به " . واستمر هذا الاصطلاح في كلمة الاجتهاد بعد ذلك أيضا ، فالشيخ الطوسي الذي توفي في أوساط القرن الخامس يكتب في كتاب العدة قائلا : " أما القياس والاجتهاد فعندنا انهما ليسا بدليلين ، بل محظور في