هي إشارة بالحمل الأولي ومفهوم اسمي ، لأن الموضوع بإزائه هو كلمة ( إشارة ) ، ومن الواضح أن كلمة ( هذا ) لا تكون مرادفة لكلمة ( الإشارة ) ، فلو كانت موضوعة بإزاء مفهومها لكانت مرادفة لها ، وهي كما ترى ، ومن هنا كان المتبادر من كلمة ( هذا ) واقع الإشارة ، والمتبادر من كلمة ( الإشارة ) مفهومها ، فيكون ذاك نظير الحروف الداخلة على الجملة الناقصة ك ( من ) و ( إلى ) و ( في ) و ( على ) وما شاكلها ، فإن كلمة ( من ) موضوعة لواقع الابتداء الذي هو ابتداء بالحمل الشائع ، وهو النسبة بين المبتدأ به والمبتدأ منه ، ولم توضع بإزاء مفهوم الابتداء الذي هو ابتداء بالحمل الأولي ومفهوم اسمي ، فيكون الموضوع بإزائه لفظ ( الابتداء ) . ودعوى أن كلمة ( هذا ) أو ( ذاك ) لو كانت موضوعة بإزاء واقع الإشارة ، فلازم ذلك أن تكون الدلالة الوضعية دلالة تصديقية ، لأن واقع الإشارة - سواء كان متمثلا في الفعل الخارجي كالإشارة باليد أو العين أو الرأس أم الفعل النفساني كتوجه خاص من النفس - مدلول تصديقي . مدفوعة ، بأن المراد من واقع الإشارة هو النسبة الاشارية الواقعية بين المشير والمشار إليه التي هي إشارة بالحمل الشائع لا الفعل الخارجي ولا الفعل النفساني ، ومن الواضح أن وضعها بإزاء تلك النسبة لا يستلزم كون الدلالة الوضعية تصديقية ، لأن النسبة الاشارية التي هي ثابتة في الذهن بنفسها من المعاني التصورية كسائر أنحاء النسب والروابط ، مثلا كلمة ( من ) موضوعة بإزاء واقع النسبة بين المبتدأ به والمبتدأ منه ، وكلمة ( في ) موضوعة بإزاء واقع النسبة الظرفية بين الظرف والمظروف وهكذا ، ولا يستلزم ذلك كون دلالة تلك الحروف عليها تصديقية ، بل هي تصورية بتبع دلالة أطرافها كما مر ، ونفس