مدلول المشتق بسيطا إنما هو بالاعتبار ، فإن المعنى بالذات والحقيقة فيهما واحد ، ولكن ذلك المعنى الواحد إن اعتبر لا بشرط ، فهو مشتق وقابل للحمل على الذات ، وإن اعتبر بشرط لا ، فهو مبدأ وغير قابل للحمل عليها ، وقالوا بمثل ذلك في مقام الفرق بين الجنس والفصل والمادة والصورة ، فإن ما به الاشتراك في المركبات الحقيقية إن لوحظ لا بشرط ، فهو جنس وقابل للحمل على الفصل والنوع ، وإن لوحظ بشرط لا ، فهو مادة غير قابلة للحمل على الصورة ولا على النوع ، وكذلك ما به الامتياز فيها ، فإنه إن لوحظ لا بشرط ، فهو فصل قابل للحمل على الجنس والنوع ، وإن لوحظ بشرط لا ، فهو صورة غير قابلة للحمل على المادة ولا على النوع . وفيه ما تقدم من أن لحاظ المعنى لا بشرط لا يغيره عما كان عليه في الواقع من المغايرة ، وأما صحة حمل الجنس على الفصل وبالعكس وعدم صحة حمل المادة على الصورة وبالعكس ، فليست من جهة لحاظ جهتي الاشتراك والامتياز لا بشرط وبشرط لا بنحو الموضوعية ، بل من جهة أن الجنس والفصل بما أنهما من الأجزاء الذهنية ، فهما متغايران في الذهن ومتحدان في الخارج ، فلذلك صح حمل أحدهما على الآخر ، وأما المادة والصورة فبما أنهما من الأجزاء الخارجية ، فتكونان متباينتين في الخارج ، فلهذا لم يصح حمل إحداهما على الأخرى وبالعكس . الثالثة : أن المراد من تلبس الذات بالمبدأ الذي هو معنى المشتق واجدية الذات للمبدأ ، وهي تشمل واجدية الشئ لنفسه أيضا ، بل هي من أتم وأقوى مراتب الواجدية ، فلذلك يكون إطلاق المشتق في جميع الموارد على حد سواء ، بلا فرق بين أن يكون المبدأ مغايرا للذات مفهوما ووجودا أو مغايرا لها مفهوما