قيام المظروف بالظرف أو بالآلة قيام ذيها بها ، غاية الأمر أن قيامه بالفاعل يكون على أحد النحوين المذكورين ، وقيامه بالزمان والمكان والآلة على نحو واحد ، وهو قيام المظروف بالظرف وقيام ذي الآلة بها ، مثلا القتل مبدأ للقتل ، فإنه كما يكون وصفا لموضوعه وهو القائل ، يكون وصفا لزمانه ومكانه أيضا ، والفتح في المفتاح فإنه كما يكون وصفا لموضوعه وهو الفاتح ، يكون وصفا لآلته أيضا وهي الحديد وهكذا ، وأما المبدأ في مثل اللابن والتامر والبقال ونحو ذلك ، فهو ليس من الأعيان الخارجية ، بل هو من الحرف ، ومن هنا يصدق التامر واللابن والبقال على الشخص حقيقة وإن لم يكن مشغولا به فعلا ، بل كان مسافرا أو نائما أو غير ذلك ، كأصحاب الملكات من المجتهد والمهندس والطبيب والبناء والنجار والخياط وما شاكل ذلك ، ومن الواضح أن المهن والحرف أوصاف لأربابها كالأعراض التي هي أوصاف لمعروضاتها . فالنتيجة أنه لا فرق بين أسماء الأزمنة والأمكنة والآلة وبين سائر المشتقات ، فكما أن المبدأ في تلك المشتقات وصف من أوصاف الذات وقائم بها فكذلك في هذه الأسماء ، غاية الأمر أن قيامه بها هناك قيام صدور أو حلول ، وأما قيامه بها هنا قيام المظروف بالظرف وقيام ذي الآلة بها . هذا ، وقد أجيب عن ذلك بأنه يمكن التخلص عن هذا الاعتراض بافتراض أن المبدأ في أسماء الأزمنة والأمكنة ليس هو الحدث ، بل المحلية والمعرضية للحدث التي تكون نسبتها إلى الزمان والمكان نسبة العرض إلى موضوعه [1] . وفيه : أنه لا يمكن الالتزام به ، لوضوح أن المبدأ في مثل المقتل القتل لا المعرضية والمحلية ، نعم المعرضية صفة للذات المنتزعة من وقوع المبدأ فيها