الجامع بينهما في عالم المفهوم ، وإن كانت على النحو الثاني تمنع عن تصوره ، وحيث إن استحالة الانفكاك في تلك العناوين وقوعية فعلية لا ذاتية منطقية ، فلا تمنع عن حضور الجامع بين فردي المتلبس والمنقضي فيها ، وذلك لأن المبدأ في العناوين المذكورة مغاير للذات مفهوما ومصداقا ، غاية الأمر أنه لا ينفك عنها خارجا ، لأنه من لوازمها الذاتية من الذاتي باب البرهان ، ولكن ذلك لا يمنع عن تصور الجامع بينهما ، لأن المبدأ إذا كان مغايرا مع الذات كما هو المفروض في العناوين المذكورة ، أمكن تصور الذات فارغة ومنقضية عنها المبدأ في عالم التصور واللحاظ ، ولا يلزم من ذلك عدم تصورها حتى يكون تصورها مستحيلا بملاك التناقض في نفس عالم التصور واللحاظ ، وإنما يلزم ذلك إذا كان المبدأ عين الذات حقيقة كما في العناوين الذاتية كالانسان والحيوان ونحوهما ، فإنه لا يمكن تصور ذات الانسان فارغة عن مبدئها وهو الانسانية التي هي صورتها النوعية المقومة ، بداهة أن تصورها كذلك ليس تصورا لها في نفس الوقت ، فيلزم حينئذ التناقض في عالم التصور واللحاظ ، وهو مستحيل . وبكلمة ، إن تصور الشئ بدون صورته النوعية المقومة له وبقطع النظر عنها ليس تصورا له ، وهذا معنى أنه يلزم من تصوره كذلك عدم تصوره ، وما يلزم من تصوره عدم تصوره ، فتصوره مستحيل ، وأما تصور ذات الممكن بدون الامكان وبقطع النظر عنه ، فهو بمكان من الامكان ، باعتبار أن مبدئها مغاير لها ، فلا مانع من التفكيك بينهما في عالم التصور واللحاظ ، وإنما لا يمكن ذلك في عالم الواقع والخارج ، وعلى هذا فبإمكان الواضع تصور الجامع بين الذات المتلبسة بالامكان والذات الفارغة عنها الامكان ووضع لفظ ( الممكن ) بإزائه ، ونفس الشئ يقال في نظائره ، غاية الأمر أن تحقق الفرد المنقضي في الخارج مستحيل .