الاستفهام على الجملة التامة ، كما في قولك ( هل زيد عادل ) ، إذ لا شبهة في أن المستفهم عنه نسبة العدالة إلى زيد في الخارج ، أي كون زيد عادلا فيه لا قصد الحكاية والاخبار عنها [1] . وقد أجاب عن ذلك السيد الأستاذ قدس سره بأن أداة الاستفهام أو الجملة الاستفهامية موضوعة بوضع واحد للدلالة على قصد الاستفهام ، فليست استفادة الاستفهام من الجملة الاستفهامية من باب تعدد الدال والمدلول ، بأن يكون الاستفهام مدلولا للأداة ، والنسبة التامة مدلولا للجملة ، بل الدال والمدلول واحد ، فإن الدال هو الجملة الاستفهامية ، والمدلول هو قصد الاستفهام وإنشاؤه . ولكن هذا الجواب تام على مسلكه قدس سره ، فإن تعدد الدال والمدلول في الجملة الاستفهامية إنما يتصور على مسلك المشهور المختار ، وهو أن الدلالة الوضعية دلالة تصورية ، فإن الجملة الاستفهامية تدل على الاستفهام والجملة التامة المدخول عليها الأداة تدل على النسبة ، فإذا قيل : هل زيد قائم كان المتبادر منه أمران : أحدهما الاستفهام والآخر النسبة بين زيد وقائم ، والدال على الأول أداة الاستفهام ، وعلى الثاني الجملة المدخول عليها الأداة من باب تعدد الدال والمدلول . وأما على مسلك التعهد ، فحيث إن الدلالة الوضعية دلالة تصديقية ، فلا يتصور تعدد الدال والمدلول في الجملة الاستفهامية ، فإنها تدل على الاستفهام ، والجملة المدخول عليها الأداة لا تدل على قصد الحكاية عن ثبوت النسبة في الخارج أو نفيها فيه ، لأن هذه الدلالة على ذلك المسلك وإن كانت وضعية إلا أنها تتوقف على أن تكون الجملة صادرة من متكلم شاعر ملتفت بالاستقلال ، لاختصاص الوضع لها بهذه الحالة ، والمفروض أنها لم تصدر إلا في ضمن الجملة
[1] أورده مع نقل الجواب في بحوث في علم الأصول 1 : 287 .