وعلى هذا ففي الجملة الاستفهامية ، مثل قولك ( هل زيد عالم ) نسبتان : الأولى بين زيد وعالم ، الثانية بين مفهوم الاستفهام والجملة المستفهم عنها وهي جملة ( زيد عالم ) ، وتدل الجملة الاستفهامية على النسبة الاستفهامية بتعدد الدال والمدلول ، بأن يكون الدال على النسبة الأولى الجملة المدخول عليها الأداة والدال على النسبة الثانية الجملة الاستفهامية ، وكذلك الحال في الجملة التمنية والترجية [1] . وقد يورد على هذا القول بإيرادين : الأول : أن أحد طرفي النسبة في الكلام وهو الدال على مفهوم الاستفهام غير مذكور فيه ، ولازم ذلك هو أن يكون الكلام على مستوى مدلوله اللفظي ناقصا ، وعليه فلا يمكن أن يدل على هذه النسبة ، إذ لو دل عليها ، فبطبيعة الحال يدل على طرفيها الموجودين فيه ، حيث إنه لا يعقل وجود النسبة بدون وجود طرفيها [2] . والجواب : أن مفهوم الاستفهام مفهوم ثانوي وليس مدلولا مطابقيا للفظ ، فإن المدلول المطابقي للفظ هو المفهوم الذي يرد على الذهن من الخارج مباشرة دون المفهوم الثانوي ، فإنه لم يرد على الذهن من الخارج كذلك ، بل هو منتزع من المفهوم الأولي ولا موطن له إلا الذهن ، ولا يكون مدلولا للفظ ، وعلى هذا فلا تكون الجملة الاستفهامية ناقصة على مستوى مدلولها اللفظي ، وذلك لأن كلمة ( هل ) في قولك ( هل زيد عالم ) تدل على النسبة المذكورة التي يكون أحد طرفيها مفهوم الاستفهام والطرف الآخر الجملة التامة المدخول عليها الأداة بعنوان المستفهم عنها ، وعليه فطرفا النسبة الاستفهامية من المفاهيم الثانوية ،
[1] نقله عنه في بحوث في علم الأصول 1 : 296 . [2] أورده في بحوث في علم الأصول 1 : 297 .