كما عن المجمع [1] : صار من المقروعين المغلوبين المقهورين ، وكيفية الواقعة على ما في الخبر انه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل ان يأمره اللَّه تعالى به ، فركب في السّفينة فوقفت السّفينة ، فقالوا : هنا عبد أبق من مولاه ، فاقرعوا ، فخرجت القرعة على يونس ، فرمى بنفسه في الماء ، فالتقمه الحوت ، ودعوى انه لا دلالة للآية على المشروعية ؛ فإن غاية مفادها الحكاية ، وهي أعم من المشروعية ، مدفوعة مضافاً إلى ما عرفت من أنه ورد في الاخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية بأنه لا مجال للمناقشة في دلالة الآية على قبول يونس للمقارعة لو لم نقل بان ظاهرها تصدى نفسه لها ، والقبول ان كان منشؤه كونه امراً تعبّدياً جاء به يونس ، فمقتضى الاستصحاب عند الشك في البقاء بقاؤه في هذه الشريعة ؛ لما تقرر في محلَّه من جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة ، وإن كان منشؤه كونه أمراً عقلائيّاً كما هو الظاهر ، وقد أمضاه النّبي يونس ، فاللازم ثبوته في هذه الشريعة لهذه الجهة كما لا يخفى . ثانيهما : ما ورد في قصة التخاصم في تكفل مريم واقتراعهم على ذلك من قوله [2] تعالى : « وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ » وكيفية الواقعة إنّ زكريا ( عليه السلام ) قال لهم : انا أحقّ بمريم ، اي من جهة التكفل ؛ لان عندي خالتها ، قالوا : لا حتى نقرع عليها ، فانطلقوا إلى نهر الأردن فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي ، على أن من ارتفع قلمه فوق الماء فهو أحقّ بها ، وقيل : ان أقلامهم كانت من الحديد ،
[1] مجمع البيان 4 : 458 . [2] سورة آل عمران : الآية 40 .