تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِالله وبِرَسُولِه » [1] . ولدلالة الآيات الكثيرة على كون الكفار معذّبين بالنّار خالدين فيها ، ولو كانت عباداتهم صحيحة لزم وصول الأجر إليهم في الآخرة وهو منفيّ بالآيات المذكورة ، ولقوله تعالى : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ » بضميمة انّ أوّل التقوى الإسلام ، ولدلالة الأخبار الكثيرة على بطلان عبادة المخالف ، فضلًا عن الكافر . وأجيب عن الإجماع بأنه لا أصالة له ؛ لاحتمال استناده إلى الأدلة الأخرى ، وعن مسألة قصد القربة بان عدم إمكانه انّما هو في الكافر الجاحد بالربوبيّة مطلقا ، وأمّا الكافر المقر باللَّه المنكر لصفة الوحدانية أو للنبوة ، فيعقل فيه قصد القربة ، خصوصاً إذا كان من المنتحلين للإسلام كالغلاة والنواصب ، وترى أهل الكتاب يجتمعون في معابدهم ويعملون اعمالًا يكون الداعي لهم إليها التقرب إلى اللَّه تعالى بالمعنى الشامل للوصول إلى الثواب والفرار عن العقاب . نعم يمكن ان يقال : إن العمل العبادي الذي يكون في الإسلام وليس له سابقة في الأديان لا يكون الكافر المنكر للنبوة معتقداً بكونه مأموراً به من اللَّه تعالى ومقرباً للعبد اليه ، وعليه فكيف يتمشى منه قصد القربة مع هذا الاعتقاد ؟ نعم ، يمكن فرضه في الأعمال العبادية المشتركة ، وهي قليلة ؛ إذ الاختلاف موجود ولا أقل في الكيفية . وأجيب عن الاستدلال بقوله تعالى : « وما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ » . . بان القبول أخص من الصّحة ، وفيه ان المراد بالقبول ان كان ترتب الثواب فهو لا ينفك عن الصحة ؛ لأنه إذا كان العمل موافقاً للمأمور به جامعاً لجميع