ومن الواضح أنّ هذا القسم يخرج إذا علمنا أنّ المراد بالحكم الذي مهّدت القاعدة الأصوليّة لإثباته الجعل ، لا ما يعمّ حصصه وتطبيقاته ، فضمان المشتري للسلعة في البيع الفاسد وإن كان يستخرج من القاعدة المذكورة ، ولكنّه ليس مجعولاً برأسه ، بل هو حصّة من الحصص المجعولة بذلك الجعل الواحد » [1] . الثاني : ما ليس قاعدة بالمعنى الفنّي لها ، بل هناك أحكام إلهية واقعيّة كثيرة على مواد عديدة ، إلاّ أنّ الدليل جمعها في عبارة واحدة كقاعدة « لا ضرر » بناءً على التفسير المشهور لها [2] ، فهنا لا توجد قاعدة بالمعنى الفنّي ، وإنّما هي مجموعة من التشريعات العدمية جُمعت في لفظ واحد . بيانه : إنّ وجوب الوضوء مقيّد بعدم الضرر واقعاً ، ولزوم العقد مقيّد بعدم الضرر كذلك ، وهكذا وجوب الغُسل والحجّ . . . الخ . وكلّ تقييد من هذه التقييدات هو حكم واقعيّ إلهي غير الحكم المستفاد من الآخر ، غاية الأمر أنّ الشارع جمع بين هذه التشريعات العدمية المتعدّدة بجعلها جميعاً في عبارة واحدة . وهذا صار منشأً للتوهّم ، حيث قد يتشكّل قياس بهذا النحو فيقال : إنّ لزوم العقد على المغبون ضرريّ ، وكلّ حكم ضرريّ فهو مرفوع ، فلزوم العقد الضرري مرفوع . فتكون القاعدة الفقهيّه كبرى في قياس الاستنباط ، فينبطق عليها ضابط المسألة الأصولية . إلاّ أنّ هذا التوهّم غير صحيح ، لأنّه - بحسب الحقيقة - ليس عندنا
[1] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 1 ص 25 . [2] يمكن مراجعة ذلك في كتاب « لا ضرر ولا ضرار » من أبحاث سيّدنا الأستاذ آية الله العظمى الشهيد محمّد باقر الصدر ، بقلم السيّد كمال الحيدري ، دار فراقد ، الطبعة الثانية ، 1423 ه - . : ص 173 .