وأمّا الأصول المؤمّنة العقلية كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فالكلام فيها لا يختلف عن الأصول الشرعية ؛ ضرورة أنّ جريان البراءة العقلية في جميع الأطراف يؤدّي إلى تعارضها ثمّ تساقطها . وفي طرف دون آخر ترجيح بلا مرجّح . ويمكن أن يوضّح ما ذكره قدّس سرّه بصياغة أُخرى تنسجم مع مبانيه في حقيقة العلم الإجمالي : لا ريب أنّ العلم الإجمالي عبارة عن العلم بالجامع وشكّ في الخصوصيات الموجودة في الأطراف ، وعليه لا يمكن جريان قبح العقاب بلا بيان في الجامع ؛ وذلك لتمامية البيان عليه . أمّا جريانها في خصوصيات الأطراف فواضح ؛ لعدم البيان عليها ، إلاّ أنّها تؤول إلى التساقط بسبب المعارضة بينها . وهذه الصياغة تنسجم مع جميع النظريات في حقيقة العلم الإجمالي ، فإنّ المتعلّق حسب نظرية المحقّق العراقي قدّس سرّه هو الواقع المبهم غير الواضح ، فهو ممّا لم يتمّ البيان عليه ويكون مجرى للبراءة العقلية ، وكذلك الحال على مبنى الإشارة العقلية ؛ إذ الإشارة إلى الخصوصيات مبهمة كما تقدّم ، وبذلك يتّضح ما قلناه سابقاً من أنّه لا أثر لبيان حقيقة العلم الإجمالي في تنجيز وجوب الموافقة القطعية . ملاحظات على صياغة النائيني ويمكن التعليق على هذه الصياغة بعدّة ملاحظات : 1 . ما ذكرناه آنفاً من أنّ جريان البراءة العقلية في جميع الأطراف ليس مختصّاً بنظرية العلم بالجامع بل يمكن تطبيقه على مستوى النظريات الأخرى أيضاً ، مضافاً إلى أنّه سيأتي أنّ البراءة الشرعية والعقلية