الخارج ، ومن هنا صحّ الاتّجاه الثاني المشهور من افتراض تعلّق العلم بالجامع ؛ لأنّ هذا الاتّجاه لاحظ المفهوم المتعلّق به العلم وهو كلّي ؛ لأنّ المفهوم بقطع النظر عن كيفية استخدامه كلّي دائماً . والإشكال عليه بأنّ العلم يكون بأكثر من الجامع ، جوابه : أنّه علم بالجامع بنحو الإشارة إلى الخارج ، وبهذا النظر يكون جزئياً بلا حاجة إلى ضمّ خصوصية بل لا فائدة في ضمّها ما لم تكن إشارة . كما صحّ الاتّجاه الثالث القائل بتعلّق العلم الإجمالي بالفرد لا بالجامع لأنّ المفهوم الكلّي مستخدم بنحو الإشارة إلى الخارج ، وقد قلنا إنّ حقيقة الجزئية والفردية هو ذلك أيضاً . والإشكال عليه بأنّ حدّ الفرد إن كان داخلاً في الصورة العلمية فالعلم تفصيليّ لا إجماليّ وإلاّ فالعلم بالجامع ، جوابه : إنّ الجزئية ليست بدخول الحدّ في الصورة العلمية بل بالإشارة ، وبما أنّ الإشارة في المقام ليست إلى معيّن ، اختلف عن العلم التفصيلي . كما صحّ الاتّجاه الأوّل القائل بتعلّق العلم الإجمالي بالفرد المردّد لأنّ الإشارة في موارد العلم الإجمالي لا يتعيّن المشار إليه فيها من ناحية الإشارة نفسها لأنّها إشارة إلى واقع الوجود وهو مردّد بين الوجودين الخارجيين لا محالة ، فالتردّد في الإشارة بمعنى أنّ كلاًّ منهما صالح لأن يكون هو المشار إليه ، فالمشار إليه بما هو مشار إليه مردّد ، وليس هذا بابه باب وجود الفرد المردّد ذهناً أو خارجاً ليقال بأنّه مستحيل . وبهذا نصل إلى نظرية واضحة محدّدة عن العلم الإجمالي نجمع فيها بين الاتّجاهات الثلاثة وندفع بها جميع المناقشات المثارة ضدّها » [1] .
[1] بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 160 - 161 .