« يأتي عنكما الخبران المتعارضان فبأيّهما نأخذ ؟ » نجد أنّ عنوان الإتيان مأخوذ في لسان الرواية ، وكذلك في رواية : « العمري ثقتِي فما أدّى إليك فعنّي يؤدّي » [1] إذ أخذ فيه الأداء ، فعنوان الوصول مأخوذ في أدلّة الأحكام الظاهريّة ، فإذا لم يصل فلا حكم ظاهريّ .
والجواب : إنّ أدلّة الأحكام الظاهريّة غير مختصّة بأمثال هذه الألسنة ، وإلاّ فماذا يقال في قوله : « رفع ما لا يعلمون » [2] فإنّه مطلق على أيّ حال ، بل يمكن أن يقال : إنّ أمثال لسان « فعنّي يؤدّي » وغيره مأخوذ على نحو الطريقيّة لا الموضوعيّة .
البيان الثاني : وهو بيان ثبوتيّ مفاده : إنّ حقيقة الأحكام الظاهريّة أنّها طريقيّة أي أنّها ليست لها مبادئ في متعلّقاتها وإنّما وظيفتها هي التنجيز والتعذير بلحاظ الحكم الواقعي . أمّا المبادئ فهي مختصّة بمتعلّقات الأحكام الواقعيّة ، وهذا هو معنى الطريقيّة عند النائيني وأتباع مدرسته ، من هنا قالوا في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي : إنّ الأحكام الظاهريّة لا تتضادّ مع الأحكام الواقعيّة ; لعدم وجود مبادئ لها في متعلّقاتها ليقع التنافي بينها وبين مبادئ الأحكام الواقعيّة .
تأسيساً على هذه الحقيقة يقول النائيني : إنّ الشارع عندما يريد أن يجعل الحكم الظاهري في حقّ الجاهل ، أيجعل مبادئ الحكم الظاهري

[1] جامع أحاديث الشيعة الذي أُلّف تحت إشراف سيّدنا ومولانا فقيد الإسلام المحقّق العلاّمة الإمام آية الله العظمى الحاج آقا حسين الطباطبائي البروجردي ، سنة الطبع 1422 ه‌ : ج 1 ، ص 305 ، باب حجّية أخبار الثقات ، الحديث رقم ( 1 ) .
[2] الخصال للشيخ الجليل الأقدم الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ( ت : 381 ه - ) ، صحّحه وعلّق عليه علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم ، الطبعة الرابعة ، 1412 ه‌ : ج 2 ص 417 ، باب التسعة .

33