الأحكام ، ولا عبرة بظنّ المقلّد وشكّه . وكون بعض مباحث القطع تعمّ المقلّد لا يوجب أن يكون المراد من المكلّف الأعمّ من المقلّد والمجتهد ، إذ البحث عن تلك المباحث وقع استطراداً وليست من مسائل علم الأصول ، ومسائله تختصّ بالمجتهد ولا حظّ للمقلّد فيها . ولا سبيل إلى دعوى شمول أدلّة اعتبار الطرق والأصول للمقلّد ، غايته أنّ المقلّد عاجز عن تشخيص مواردها ومجاريها ويكون المجتهد نائباً عنه في ذلك ، فإنّه كيف يمكن القول بشمول خطاب مثل لا تنقض اليقين بالشكّ في الشبهات الحكميّة للمقلّد ، مع أنّه لا يكاد يحصل له الشكّ واليقين ، بل لو فرض حصول الشكّ واليقين له فلا عبرة بهما ما لم يكن مجتهداً في مسألة حجّية الاستصحاب » [1] . ولعلّ روح دعوى الميرزا في الاختصاص ترجع إلى أنّ الأحكام الشرعيّة تنقسم إلى واقعيّة وظاهريّة ، والأحكام الواقعيّة وإن كانت مشتركة بين العالم والجاهل ، إلاّ أنّ الأحكام الظاهريّة مختصّة بمن وصلت إليه ، وقد استند النائيني في ذلك إلى دليلين : الدليل الأوّل : إنّ أدلّة الأحكام الظاهريّة - من الأمارات والأصول العمليّة - متوقّفة على عدم المعارض والفحص عنه ، وهذا من شأن المجتهد لا المقلّد ، إذ لا قدرة له على الفحص عن معارض الخبر مثلاً والجزم بعدمه . بتعبير آخر : إنّ أدلّة الأحكام الظاهريّة وإن كان فيها اقتضاء الشمول للمجتهد وغيره ، لكن يمتنع جريانها في غير المجتهد
[1] فوائد الأصول ، من إفادات قدوة الفقهاء والمجتهدين الميرزا محمّد حسين الغروي النائيني ، تأليف : العلاّمة الربّاني الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني ، مع تعليقات خاتم الفقهاء والأصوليّين الشيخ آقا ضياء الدِّين العراقي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، 1406 ه - . : ج 3 ص 3