ويمكن المناقشة في مضمون هذه الروايات بأنّها أجنبية عن المقام ، لأنّها ليست بصدد بيان أنّ الإنسان يُعاقب على نيّته أو لا يُعاقب ، بل بصدد بيان إحدى القواعد التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [1] ، والتي تنصّ على أنّ الإنسان لا يعمل إلاّ بما تقتضيه طبيعته النفسية والوجودية ، فالمؤمن بطبيعة إيمانه لا ينوي إلاّ خيراً غالباً ، والكافر بطبيعة كفره لا ينوي إلاّ شرّاً كذلك ، بل يمكن أن تكون هذه الروايات بصدد الإشارة إلى أنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عمله ، ونيّة الكافر شرٌّ من عمله ، لأنّ المؤمن قد يريد تحقيق أشياء كثيرة في حياته ليتقرّب بها إلى الله عزّ وجلّ ولكن الموانع تمنعه من ذلك ، فلهذا تكون نيّته أوسع من دائرة عمله الخارجي ، والأمر نفسه في جهة الكافر . وقد يظهر هذا المعنى من نصوص أخرى في هذا الصدد ، كقول الإمام الصادق عليه السلام : « والنيّة أفضل من العمل ، ألا وإنّ النيّة هي العمل ، ثمّ تلا قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ يعني على نيّته . . » [2] . في ضوء ذلك يظهر أنّ الروايات المذكورة أجنبيّة عن المقام وغير ناظرة إلى إثبات حرمة التجرّي لا من قريب ولا من بعيد . المجموعة الثانية : الروايات التي دلّت على أنّ الإنسان يؤاخذ على سريرته وما انطوت عليه نفسه من نوايا دون أعماله ، ويمكن تطبيقها على المقام من جهة أنّ المتجرّي تحصل لديه السريرة السيّئة وخبث
[1] الإسراء : 84 . [2] وسائل الشيعة ، مصدر سابق ، الحديث 5 .