إلى بحث مستقلّ ، وقد ذكروا لذلك وجوهاً ثلاثة : الوجه الأوّل : ما نقله المحقّق النائيني قدّس سرّه عن الميرزا الشيرازي الكبير قدّس سرّه ، وحاصله : « إنّ المناط في حكم العقل باستحقاق العقاب هو ارتكاب ما يعلم مخالفته للتكليف لا ما يكون مخالفاً واقعاً . فالمهمّ إذن هو العلم بالتكليف لا إصابة ذلك العلم للواقع ، وإلاّ لتعطّلت الأحكام حيث لا يمكن إحراز الإصابة في مورد . وعليه فالمتجرّي والعاصي على حدٍّ واحد من حيث توفّر مناط استحقاق العقوبة فيهما » [1] . وقد أشكل المحقّق النائيني على هذا الوجه بالتالي : مع التسليم بأنّ العلم بالتكليف هو الذي يحقّق استحقاق العقوبة عقلاً ، لكن من قال إنّ المتجرّي عالم بالتكليف ، بل هو جاهل بالجهل المركّب ؛ وعليه فهو خارج عن القاعدة المذكورة تخصّصاً لأنّه ليس بعالم أصلاً [2] . ويمكن المناقشة فيما أفاده من جهتين : الأولى : إنّه ثبت في البحث المنطقي أنّ الجهل المركّب أحد أقسام العلم ، لأنّ العلم حسب المناطقة لم يقيّد بالمطابقة للواقع . الثانية : إنّ البحث في هذه المسألة ليس بحثاً منطقياً لكي نقول هل أيصدق على المتجرّي أنّه عالم أم لا يصدق ؟ بل البحث في أنّ ما اعتقده المتجرّي هل يترتّب عليه استحقاق العقاب ، أو لا بدّ من مطابقته للواقع ؟ وليس النظر إلى المصطلحات المنطقية لكي يقال إنّ هذا جهلٌ
[1] بحوث في علم الأصول : ج 4 ص 53 ؛ تقريرات المجدّد الشيرازي - للروزدري : ج 3 ص 277 . [2] أجود التقريرات ، تقريراً لأبحاث الأستاذ الأكبر المجدّد الميرزا محمّد حسين الغروي النائيني ، تأليف أستاذ الفقهاء السيّد أبو القاسم الخوئي قدّس سرّه ، تحقيق ونشر مؤسّسة صاحب الأمر ، الطبعة الأولى ، 1420 ه - ، قم : ج 3 ص 54 .